البنت بل بنت الابن أيضا لأنّها بنت للمرأة كبنت البنت كما تقدّم ، وكما يدلّ عليه أيضا قوله (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) فإنّ الظاهر أن لا خلاف في أنّ المراد بالابن هنا أعمّ منه ومن ابن الابن ، ومن ابن البنت أيضا ، والحلائل جمع حليلة وهي الّتي حلّ وطئها فيشمل المعقود عليها مطلقا والسرّيّة أيضا ولكنّ الظاهر أنّها مقيّدة بوطئها ، ويحتمل بالنظر إلى العورة أو فعل ما يحرم على غير المالك من القبلة ولمس الجلد بشهوة كما في الابن ولا يكفي مجرّد جواز الوطي فإنّ للأب وطئ مملوكة الابن كالعكس ، ويحتمل العدم إذا كانت متّخذة للتسرّي دون الخدمة ، ولعلّ ظاهر الآية يشملها فتأمّل.
فدلّت هذه على أنّ الابن بواسطة هو ابن الصلب ، فالاحتراز بقيد الصلب عن الولد المتبنّي الّذي يأخذه الإنسان ابنا ويسمّيه به للشفقة والمحبّة ، ولكونه ابن زوجته ، ونحو ذلك ، فإنّه لم يصر بذلك ابنا حقيقة.
(وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) أيضا عطف على المحرّمات وفائدة زيادة الجمع أنّ التحريم هو الجمع لا الافراد ، فمع مفارقة إحداهما يجوز أخذ الأخرى ووجه (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) سلف (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) إشارة إلى عدم يأس من تعدّى عن حدود الله من رحمة الله ، فانّ الله كان غفورا رحيما من قبل وبعد ودائما ، فيتجاوز عنه بالتوبة والعفو والكرم.
الثالثة : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) (١) النكاح لغة الوطي والعقد أيضا فقيل بالاشتراك اللّفظيّ ، وقيل حقيقة في الثاني ومجاز في الأوّل ، وقيل بالعكس والأكثر على أنّه بمعنى العقد ، وقال في الكشّاف إنّه ما جاء في القرآن إلّا بمعنى العقد ، وأوّل ما يدلّ عليه ، أي لا تتزوّجوا وقرئ بضمّ التاء ، أي لا تزوّجوا يا معشر المسلمين المشركات أي الكافرات مطلقا كتابيّة وغيرها ، فإنّ الكتابيّ يقال له أيضا مشرك بدليل قوله تعالى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) إلى قوله (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢) كذا في الكشّاف والقاضي وغيرهما ، وفي
__________________
(١) البقرة : ٢٢١.
(٢) براءة : ٣١.