والدليل على أنّ (مِنْ نِسائِكُمُ) قيد للربائب لا لنسائكم ما ثبت في الأصول أنّ ما يعقب الجمل من الصفة والاستثناء وغيرهما قيد للأخيرة ، وظهور كونه قيدا لها وعدم ظهور كونه قيدا للأولى ، مع وجود التحريم ، وتقييده بلا دليل غير جائز ، ومجرّد صلاحيته واحتماله له ليس بموجب لذلك وهو ظاهر ، وعدم إمكان كونه قيدا لهما إذ يلزم تعليقه بالموضعين ، وجعله بالمعنيين البيانيّة والابتدائيّة ، وهو غير ممكن وإن أمكن استعمال لفظ مشترك بمعنيين مجازا ، أو حقيقة لعدم إمكان تعليقه بالموضعين وجعله قيدا لهما في التركيب إلّا بالحذف وهو خلاف الأصل والظاهر ، والحاصل أنّه لا شكّ في أنّ تقييد الاولى خلاف الأصل والظاهر ، فلا بدّ له من دليل موجب وليس في الآية ، نعم في بعض الروايات الصحيحة دلالة صريحة على ذلك فلا بدّ إمّا تأويله أو ردّه ، حيث إنّه معارض بمثله وظاهر الآية ، أو تقييد الآية وتخصيصها بتلك الأخبار لعدم صحّة معارضها من الأخبار وجواز تخصيص القرآن بالخبر الصحيح [الصريح] فالمسئلة مشكلة ، وتمام التفصيل في الكتب الفقهيّة.
وفي قوله تعالى (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) (١) أي البلّغ من غير أهل البيت فلا يردّ أبوّته لهم ، دلالة على أنّ ما ثبت بين الأب والولد من تحريم المصاهرة وغيره ليس بمتحقّق بينه صلىاللهعليهوآله وبين أمّته ، بل له حقّ الأبوّة وأعظم ، نعم ثبت بين زوجاته فقط والمسلمين التحريم بقوله (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وغيره من الإجماع والأخبار حتّى لا يحرم بناتهنّ على المسلمين فليست الأمومة أيضا حقيقيّة بل المراد مجرّد التحريم وهو ظاهر ، وإلّا يلزم التعدّي في جميع الأفراد وفي قوله (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) دلالة مّا على عدم اعتبار مفهوم القيود فافهم.
والظاهر أنّ المراد بالنساء هو المعقود عليهنّ مطلقا ، فلا يشمل السرّيّة فكأنّ تحريم أمّها وبنتها بغير الآية من الإجماع والرواية والقياس ، والظاهر أنّ المراد بالأمّ والربيبة أعمّ من أن يكون بواسطة أو بغير واسطة فيشمل الجدّة وبنت
__________________
(١) الأحزاب : ٤١.