بالإجماع والأخبار ، والاعتبار.
ولكن للتحريم شروط : كون الرّضاع في مدّة الحولين لرضاع المرتضع ، وكون الشرب بالمصّ من الثدي والمقدار المعيّن ، وفي أكثر الأخبار أنّه ما أنبت اللحم وشدّ العظم ، ولكنّ العلم به مشكل ، وفي بعض الرّوايات ما يدلّ على أنّه يحصل باليوم واللّيلة وفي البعض بخمسة عشر رضعة وفي بعضها بعشر رضعات بشرط عدم الفصل بلبن غيرها ، وفي بعضها مرّة وتمام التفصيل في الكتب الفقهيّة.
والأصل وبعض الآيات والأخبار دليل الجواز ، فلا يعدل عنها إلّا بدليل وهذه الآية لم تدلّ على أنّ مجرّد صدق الرضاع يكفي لأنّه قيّد بكونها امّا من الرضاع وأختا ، ولم تعلم التسمية بمجرّد صدق أنّها أرضعت وارتضعت ، فاستدلال الحنفيّة ونحوها بها على أنّ مجرّد صدق الرضعة لغة كاف مدخول ، ولو كان كذلك لكان الاكتفاء بقوله (اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) أولى ، نعم يحرم ما كمل له يوم وليلة وخمسة عشر بالإجماع وبعض الأخبار ، وبقي الباقي تحت الجواز ، وهو المذهب المشهور ، وأكثر الأصحاب عليه ، ويحمل غيرها على تقدير الصحّة على العلم بالإنبات أو استحباب الاجتناب جمعا بين الأدلّة فتأمّل فيه.
(وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) إشارة إلى المحرّمات بالمصاهرة ، وهي أمّ الزوجة وبنتها الّتي يربّيها الزوج والمراد بها بنت الزوجة مطلقا ، سميت بها وقيّدت بالحجر لتربيته إيّاها غالبا ، وللإشارة إلى أنّه ينبغي له تربيتها وحفظها في حجره حتّى لا تضيع ، وهما عطف على (أُمَّهاتُكُمْ) أو على ما عطف عليها ، قوله (مِنْ نِسائِكُمُ) قيد للربائب على الظاهر أي الربيبة المحرّمة هي الّتي كانت من الزوجة الّتي دخلتم بها فمن للابتداء ، فلا تحرم حينئذ بنت الزوجة إلّا إذا كانت أمّها مدخولا بها لقوله (اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) ولقوله «(فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَ) إلخ» وحينئذ تحرم جمعا لدليل آخر ، فإذا فارق الامّ يجوز النكاح للبنت بخلاف العكس فإنّه تحرم الأمّ أبدا لأنّه غير مقيّد بالدخول فبمجرّد العقد على البنت تحرم الامّ لعموم تحريم الامّ من دون القيد.