بالزّنا فالظاهر عدم الخلاف عند الأصحاب في ذلك أيضا ، وأنّه لا خلاف حينئذ في جواز النظر واللّمس والتقبيل بغير شهوة إلّا على العورة وكلام الأصحاب في ذلك غير مفصّل ويحتمل أن يكون كذلك بالنسبة إلى المحرّمات الغير النسبيّة أيضا كالمصاهرة ، ويحتمل الاقتصار على جواز النظر إلى الوجه وما يتعسّر التحرّز عنه مثل اليد والرجل وأمّا النظر إلى أطفال الأجانب وعورتهم ومباشرة من يباشر ذلك فكلام الأصحاب في ذلك أيضا مجمل غير مفصّل ، فيمكن جواز ذلك إلّا محلّ الشهوة والريبة ، واللذّة المطلوبة ومباشرة العورة مع الحاجة والاجتناب أحوط مهما أمكن.
(وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ) إشارة إلى المحرّمات بالسبب والرّضاع أقوى سبب ، روي أنّها لحمة كلحمة النسب ، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (١) قال في الكشاف إلّا في مسئلتين : إحداهما أنّه لا يجوز للرجل أن يتزوّج أخت ابنه من النسب ويجوز أن يتزوّجها من الرضاع [لأنّ المانع في النسب وطي أمّها ، وهذا المعنى غير موجود في الرضاع] والثانية أنّه لا يجوز أن يتزوّج أمّ أخيه من النسب ، ويجوز من الرضاع ، لأنّ المانع وطي الأب إيّاها وهو غير موجود في الرضاع.
ولا يحتاج إلى هذا الاستثناء بالحقيقة ، لأنّ معنى يحرم من الرّضاع ما يحرم من النسب أنّ كلّ من يحرم ويكون سبب تحريمه النسب وأحد أسبابه السبعة المذكورة يحرم ذلك بالرّضاع إذا وجد ذلك السبب بعينه فيه ، مثل الامّ الرّضاعيّة والأخت كذلك ومعلوم انتفاء ذلك في المسئلتين لأنّ أخت الابن إن كانت من الرجل فهي بنته وإلّا فهي ربيبته فتحريمها بالمصاهرة لا بالنسب ، وكذا أمّ الأخ فإنّها أمّ أو زوجة الأب ، ومعلوم انتفاؤهما من الرضاع وعدم تحريم ما يحرم بالمصاهرة بالرّضاع ، وكأنّه أشار إليه بقوله «لأنّ المانع إلخ فالاستثناء ظاهريّ فالّتي تحرم بالرضاع بالكتاب هي الأمّ والأخت ، وكأنّ الباقي يحرم
__________________
(١) راجع المستدرك ج ٢ ص ٥٧٢ ، سنن أبى داود ج ١ ص ٤٧٤.