فإنّه فعل في زمن الجاهليّة فلا ينافي ما نقل في القاضي أنّه ما كان جائزا في أمّة أصلا كما يدلّ عليه قوله (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً) علّة للنهي أي نكاحهنّ كان فاحشة عند الله وموجبا للمقت والبغض وما رخّص فيه امّة من الأمم (وَساءَ سَبِيلاً) أي بئس طريق من يقول به أو يفعله.
وقد ذكر في سبب النزول وجود ذلك فعلم تحريمه بالآية ، ويحتمل أيضا أن يكون من قبيل (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (١).
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب |
ولا عيب فيه إلّا أنّه من قريش ، للمبالغة والتأكيد.
الثانية : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) (٢) الظاهر أنّ المراد تحريم نكاحهنّ لما تقدّم وتأخّر وللتبادر من مثله كتبادر الأكل في (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ولعدم تحريم الذات والنكاح أولى ما يمكن تقديره ، والام امرأة رجع نسبك إليها بالولادة بغير واسطة أو بواسطة الأب أو الأمّ (وَبَناتُكُمْ) البنت امرأة رجع نسبها إليك بالولادة بواسطة أو بلا واسطة (وَأَخَواتُكُمْ) الأخت امرأة ولدها وولدك شخص بغير واسطة (وَعَمَّاتُكُمْ) والعمّة امرأة ولدها وولد أباك أو أبا أبيك أو أبا أمّك بالغا ما بلغ شخص (وَخالاتُكُمْ) والخالة مثل العمّة إلّا أنّ النسبة هنا إلى الأمّ بمنزلة الأب هناك (وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) يعلمان ممّا سبق إذ بعد العلم بالأخ والأخت والبنت يعلم بناتهما وهو ظاهر وفي الآية دلالة على أنّ إطلاق البنت والامّ والعمّة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت على هؤلاء إذا كانت بواسطة أو بلا واسطة حقيقة وهو خلاف ما اشتهر من أنّ الإطلاق على الأوّل حقيقة وعلى غيره مجاز.
والظاهر أنّ المراد تحريم العقد لأنّه حقيقة فيه ، ويعلم الوطي بالطريق الأولى ، ويحتمل إرادتهما ، هذا هو التحريم النسبيّ والظاهر أن لا خلاف بين الأمّة فيها ، وفي كونها لشبهة أو عقد صحيح في نفس الأمر أو عند الفاعل وأمّا الحاصلة
__________________
(١) الدخان : ٥٧.
(٢) النساء : ٢٣.