أحد كان ، ولا يكون الغرض كونه من شخص بل مجرّد حسن العفو.
(وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) أي لا تنسوا أن يتفضّل بعضكم على بعض ، وقد نقل أنّ جبير ابن مطعم تزوّج وطلّق قبل المسّ وأعطى جميع المهر ، فقيل له في ذلك فقال : أنا أحقّ بالعفو وعدم نسيان الفضل (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أي عليم بأعمالكم من العفو فيعوّضكم عليه ، وهو ترغيب عليه ، ويحتمل الترهيب أيضا لزيادة طلب الحقّ ظلما ويحتمل أن يكون الخطاب هنا أيضا عامّا.
فدلّت على وجوب نصف المهر المسمّى بعد الطلاق قبل المسّ وبعد الفرض وظاهرها التشطير بالطلاق ، لا أنّه يجب النصف حينئذ لقوله (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) فعلم أنّ الجميع فرض ووجب بالعقد ، وشطّر بالطلاق ، وعلى استحباب العفو مطلقا من غير شرط الاستغناء ، وعلى استحباب التفضّل والإحسان ، وعلى استحباب العفو للوليّ ، وعلى استقلال المرأة في العفو ، فيلزم في العقد أيضا ، بل على استقلال الوليّ حيث أسند العقد إليه إلّا أنّه مجمل غير مبيّن من (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ).
الرابعة : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) (١) :
يقومون بأمورهنّ ويسلّطون عليهنّ كقيام الولاة على رعيّتهم بسبب تفضيل الله تعالى إيّاهم عليهنّ بكمال العقل وغيره وبسبب ما ينفقون عليهنّ من أموالهم (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ) أي الزوجات الّتي تخافون أيّها الأزواج عصيانهنّ وترفّعنّ عنكم وعن مطاوعتكم فيما يجب عليهنّ بظهور أمارات العصيان والنشوز والأولى حمل الخوف على العلم كما نقل في مجمع البيان عن الفرّاء ، قال : معناه تعلمون نشوزهنّ قال : وقد يكون الخوف بمعنى العلم كما قالوا في قوله تعالى (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً) الآية لأنّ خوف النشوز لا يوجب الهجر والضرب (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) أي فعظوهنّ بالقول والنصيحة فان لم ينفع الوعظ
__________________
(١) النساء : ٣٤.