والنصيحة ولم يتركن النشوز به ، فاهجروهنّ في المراقد والمبايت ، فلا تدخلوهنّ تحت اللحف بأن تعزلوا فراشها أو حوّلوا إليهنّ ظهوركم في الفراش كما يدلّ عليه ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام يحوّل ظهره إليها ، أو لا تجامعوهنّ فكنى بالمضاجعة عن الجماع كما في المباشرة أي لا تجامعوهنّ حتّى يتركن النشوز ، وإن لم يتركن فاضربوهنّ قيل : فعظوهنّ بكتاب الله أوّلا وذلك أن يقول الزوج اتّقي الله وارجعي إلى طاعتي فإن رجعت وإلّا غلّظ عليها القول ، فان رجعت وإلّا ضربها ضربا غير مبرّح ، قيل : معناه أن لا يقطع لحما ولا يكسر عظما ، وقيل أن يكون شديدا وروي عن أبي جعفر عليهالسلام الضرب بالسواك.
(فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) أي رجعن إلى طاعتكم بالايتمار بأمركم (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي لا تطلبوا عليهنّ تسلّطا وعلوّا بالباطل ، وسبيلا للضرب والهجران والوعظ ، ممّا أبيح لكم فعله عند النشوز ، بل ينبغي أن تجعلوا ما كان منهنّ كأن لم يكن فإنّ التائب عن الذنب كمن لا ذنب له على ما روي ودلّ عليه القرآن العزيز فينبغي الأخذ به ، فينبغي الكون معهنّ مثل ما كانوا معهنّ قبل النشوز ، بل ينبغي ذلك مع كلّ تارك ذنب ، فالآية تدلّ على عدم جواز الهجران والضرب بالمفهوم بدون النشوز والجواز معه بالمنطوق ، فالأمر هنا للإباحة لا الوجوب والاستحباب بل يمكن أن يكون مرجوحا فانّ العفو حسن إلّا أن يعلم الفساد في الترك فيمكن الاستحباب بل قد يجب فيجري فيه الأحكام الخمسة.
الخامسة : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) (١) أي لا تقدروا على العدل والتسوية بينهنّ بحيث لا يقع منكم أصلا ميل قلبيّ إلى إحداهنّ أكثر من غيرها ويكون الميل والمعاشرة متساوية بينهنّ من غير زيادة لإحداهنّ على الأخرى ولهذا نقل عنه صلىاللهعليهوآله أنّه كان يقسم بين النساء فيعدل ويقول : هذه قسمتي فيما أملك ، فلا تأخذني فيما تملك ولا أملك. (وَلَوْ حَرَصْتُمْ) على ذلك وبذلتم جهدكم الّذي هو مقتضى الحرص والميل فرفع الله ذلك عنكم ولم يكلّفكم به لقبحه ، ولكن
__________________
(١) النساء : ١٢٩.