ينبغي الملاحظة بحسب المقدور والتساوي مهما أمكن (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) أي لا تجوروا على المرغوب عنها الّتي لا ميل لكم إليها كلّ الجور ، فتمنعوها عن قسمتها من غير رضاها ، يعني لا بدّ من اجتناب كلّ الميل فإنّه مقدور والتكليف به واقع ، فلا تفرّطوا فيه ، وإن وقع منكم تفريط في العدل كلّه حيث ما كان مقدورا فلا يقع في الميل كلّه.
ولعلّ فيه توبيخا على وقوع التفريط في العدل مع إمكان عدمه ، وإن لم يكن واجبا ، ولهذا روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقّيه مائل (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) وهي الّتي لم تكن بذات بعل ولا بغير بعل ولا يميل إليها ، ولا يعاشرها معاشرة الأزواج ، ولا يطلّقها بل يجعلها كالمعلّقة بين الأمرين : لا إلى هذه ولا إلى ذلك ، وبالجملة يجب (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) ففيها دلالة على النهي من جعلها كالمعلّقة ، وتعطيلها ، ووجوب الإمساك بالمعروف أو الطلاق ، وتحريم الميل [إلى إحداهنّ] كلّ الميل وعدم التكليف بالتسوية واستحباب المساواة في الأمور كلّها مهما أمكن.
السادسة : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ) (١) أي علمت وقيل ظنّت (مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً) أي استعلاء وارتفاعا بنفسه عنها إلى غيرها إمّا لبغضه لها أو لكراهته منها شيئا كعلوّ سنّها وغيره (أَوْ إِعْراضاً) يعني انصرافا بوجه أو ببعض منافعه الّتي كانت لها منه (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي لا حرج ولا إثم على كلّ من الزوج والزوجة (أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) بأن تترك المرأة له يومها أو تضع عنه بعض ما يجب لها من نفقة أو كسوة أو غير ذلك تستعطفه بذلك فتستديم المقام في حباله كذا فسّر ، وفيه تأمّل لأنّه يلزم إباحة أخذ شيء للإتيان بما يجب عليه وبترك ما يحرم عليه ، وقد مرّ في الصلح فتذكّر وتأمّل.
__________________
(١) النساء : ١٢٨.