هو ما لا ينفع (١) أيضا داخل في الاعراض عن اللغو فكأنّه للتأكيد وبالجملة هو شامل لكلّ من الفعل والترك اللّذين لا ينفعان ، ولا يحصل الاعراض عن ذلك إلّا بترك المباحات أيضا فعلا وتركا ، فيوجب ذلك الاشتغال بالعبادة دائما فتأمّل.
فدلّت على الترغيب بالخشوع بالمعنى المتقدّم [فيها] حتّى كاد أن يكون له دخل عظيم في الايمان ، أي في كماله فدلّت على استحباب بعض الأفعال في الصلاة وكراهية البعض على الإجمال ، وتفصيله يعلم من الأخبار ، ومذكور في الفروع وكذا دلّت على الترغيب بالإعراض عن اللّغو ، بل يفهم وجوب ذلك حيث إنّ له دخلا في الايمان أي في كماله ، وقارنه بفعل الزكاة ، وترك الزنا ودلّت أيضا على أنّ فعل الزكاة وترك الزنا كذلك حيث قال عاطفا على الّذين (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) الآية ، المراد بالزكاة هنا المصدر فيكون مثل ما يقال «فاعل الضرب» بإضافة الفاعل إلى الأحداث كما هو المتعارف مثل أن يقال «من فاعل هذا» يقال : «زيد أو الله أو خلق الله.
قوله (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) في مجمع البيان أي يقيمونها في أوقاتها ولا يضيّعونها ، وإنّما أعاد ذكر الصّلاة تنبيها على عظم قدرها وعلوّ رتبتها عنده تعالى (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) معناه أنّ من كان بهذه الصفات واجتمعت فيه هذه الخلال ، هم الوارثون يوم القيامة منازل أهل النّار من الجنّة ، فقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال ما منكم من أحد إلّا وله منزلان منزل في الجنّة ومنزل في النار فان مات ودخل النار ورث أهل الجنّة منزلة ، وقيل إنّ معنى الميراث هنا أنّهم يصيرون إلى الجنّة بعد الأحوال المتقدّمة ، وينتهي أمرهم إليها كالميراث الّذي يصير الوارث إليه ، ثمّ وصف الوارثين فقال (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) الفردوس اسم من أسماء الجنّة ، وقيل هو اسم لرياض الجنّة ، وقيل هي جنّة مخصوصة ، قال في الكشّاف : ليس ذكر الصلاة هنا مكرّرا بل لأنّهما مختلفان إذ وصفوا أوّلا بالخشوع في صلاتهم وآخرا بالمحافظة عليها ، وذلك بأن لا يسهو
__________________
(١) فترك الذي هو قوله ما لا ينفع خ.