ثبوتها لها تأمّل ، والظاهر العدم للأصل مع عدم الدليل.
(فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) إشارة إلى عدم وجوب الإرضاع على الامّ كما هو مذهب الأصحاب والشافعيّ ومنع الحنفيّ عن الإجارة حال الزوجيّة نقله في الكشاف بل يجب الأجرة لها على الأب ، وظاهرها كونها بعد انقطاع عقدة النكاح بالطلاق ويحتمل العموم أيضا ولعلّ وجوب الأجرة على الأب من جهة وجوب نفقة الولد عليه وحينئذ يكون مشروطا بفقر الولد وغنى الأب ، فإن كان للولد مال يعطى للامّ الأجرة منه ، ويؤيّده أنّ الآية ليست بصريحة في كون الأجرة من مال الأب ، فإنّه لو كان من الولد أيضا يجب الإعطاء على الأب ، وإن لم يكن له مال مع فقر الأب يمكن الإيجاب على الامّ بلا اجرة مطلقا لأنّه يجب نفقته عليها مع قدرتها ، ويحتمل اشتراط غناها عن اجرة الإرضاع فإنّها بمنزلة مالها فتقدّم نفسها على من يجب نفقته عليها فيكون من بيت المال كما إذا لم يمكن إرضاع الأمّ.
(وَأْتَمِرُوا) اصنعوا واعملوا (بَيْنَكُمْ) في الإرضاع والإنفاق والإسكان وإعطاء الأجرة وغيرها (بِمَعْرُوفٍ) الأمر الشرعيّ واقبلوه فتكونون مؤتمرين حاملين للأمر بوجه حسن جميل من غير تعاسر وتضايق ، وفي القاضي : وليأمر بعضكم بعضا بجميل في الإرضاع والأجر ، وفيه تأمّل وفي الكشاف الايتمار بمعنى التآمر كالاشتوار بمعنى التشاور ، يقال ائتمر القوم وتآمروا إذا أمر بعضهم بعضا إن صحّ فهو نادر و «إِنْ تَعاسَرْتُمْ» أي تضايقتم وما رضي بعضكم بما قاله الآخر (فَسَتُرْضِعُ لَهُ) امرأة (أُخْرى) غير الامّ وكأنّ فيه إشارة ما إلى معاتبة الامّ على المعاسرة فانّ المساهلة من جانبها أنسب لأنّها أشفق ولأنّه ولدها ، فلو نقص من أجرتها المتعارفة لا يضيع ولأنّه ما ينقص عنها بالحقيقة شيء بخلاف الأب ، فإنّه يخرج الأجرة من ماله ، وإن كان من مال الولد فعدم المعاسرة أولى ، ويمكن فهم عدم جواز الإرضاع لغيرها مع عدم معاسرتها ورضاها كما قاله الفقهاء كعدم وجوبه عليها وجواز إرضاع غيرها على تقدير المعاسرة ، ويدلّ عليها الأخبار ، ولعلّه لا خلاف فيها.