[كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] أي لا إثم ولا حرج من الله عليكم أيّها المؤمنون ولا عليهم في ترك الاستيذان ، وفي عدم منعكم إيّاهم من الدخول وإن رأوكم مكشوفين في غير هذا الأوقات اتّفاقا من غير قصد وعلم منكم ومنهم.
في الكشّاف ثمّ عذرهم في ترك الاستيذان وراء هذه المرّات وبيّن وجه العذر في قوله (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) يعني أنّ بكم وبهم حاجة إلى المخالطة والمداخلة يطوفون عليكم في الخدمة وتطوفون عليهم للاستخدام فلو جزم الأمر بالاستيذان في كلّ وقت لأدّى إلى الحرج ، ولا يخفى أنّ فيها نقصا وزيادة من جهة عدم بيان الجناح المنفيّ عنهم ، وبيان كونهم طوّافين عليهم للاستخدام وإن كان فيه بيان لبعضكم على بعض ، وهو الظاهر لأنّ الظاهر أنّ الطواف العبيد والأطفال لا هم ، ولهذا قال في مجمع البيان ثمّ بيّن المعنى وقال (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي هم خدمكم فلا يجدون بدّا من دخولهم عليكم في غير هذه الأوقات ويتعذّر عليهم الاستئذان في كلّ وقت ، قال سبحانه (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ). ثمّ قال في الكشّاف : إذا رفعت (ثَلاثُ عَوْراتٍ) كان (لَيْسَ عَلَيْكُمْ) في محلّ الرفع على الوصف ، والمعنى : هنّ ثلاث عورات مخصوصة بالاستيذان ، وإذا نصبت لم يكن له محلّ وكان كلاما مقرّرا للأمر بالاستيذان في تلك الأحوال خاصّة ، «وبعضكم» مرفوع بالابتداء وخبره «على بعض» على معنى طائف على بعض ، وحذف لأنّ طوّافون يدلّ عليه ، ويجوز أن يرتفع بيطوف مضمرا لتلك الدلالة.
الرابعة : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (١).
في مجمع البيان : «منكم» أي من الأحرار فليستأذنوا في جميع الأوقات كما استأذن الّذين من قبلهم من الأحرار الكبار الّذين أمروا بالاستيذان على كلّ
__________________
(١) النور : ٥٩.