فإنّ المقصود هو التستّر وأنّ المراد من بعد صلاة العشاء وقت النوم تمام اللّيل وبالجملة الظاهر أنّ المقصود النهي عن الدخول وقت مظنّة كون المدخول عليه على حالة يستقبح الدخول عليه وأنّ الاستيذان يحصل بكلّ ما يرفع ذلك وأنّ ظاهر هذا الأمر الوجوب والظاهر أن لا نزاع فيه بالنسبة إلى البلّغ وأمّا بالنسبة إلى الأطفال فيحتمل أن يكون ذلك متوجّها إلى الأولياء ولكن هو خلاف الظاهر فيحتمل أن يكون على حقيقته.
قال في مجمع البيان قال الجبائي الاستيذان واجب على كلّ بالغ في كلّ حال ، وعلى الأطفال في هذه الأوقات الثلاثة بظاهر الآية ، ويكون هذا الوجوب مستثنى من عدم تكليف غير البالغ للتأديب وتعليم الأحرار أو يكون للندب بأن يكون للرجحان المطلق أو يكون للإرشاد وتعليم المعاشرة ، وعلى كلّ تقدير لا شكّ أنّ فيها دلالة على كون الطفل الغير البالغ مأمورا بأمر الله ومخاطبا بخطابه ، لا أنّ الأمر إنّما هو للأولياء وهم مأمورون بأوامرهم لا بأمر الله فإنّ الأمر بالأمر لهم ليس أمرا منه لهم كما حقّق في الأصول ، وفيها دلالة ما على أنّ ذلك أمر منه لهم وتحقيقه في الأصول.
وأيضا فيها مع ما بعدها دلالة على أنّ البلوغ بالاحتلام وخروج المنىّ مطلقا لا قبله إلّا أن يثبت بدليل من إجماع ونحوه مثل إكمال خمسة عشر سنة إلّا أن يراد ببلوغ الحلم بلوغ زمان يمكن فيه الاحتلام ولكنّ العلم بذلك مشكل ، وهو يعلم في الذكر ببلوغ كمال خمسة عشر سنة باتّفاق أصحابنا ، وبدونه مثل الشروع فيها عند بعض وفي أربعة عشر وثلاثة عشر رواية ولكنّ العمل بها مشكل من دون ظهور القائل ، وإن كان سندها صحيحا لأنّه خلاف ظاهر القرآن والأصل ، ولكنّ الاحتياط يقتضي العمل بها وتمام ذلك مذكور في محلّه ، وفي الأنثى يتحقّق البلوغ بخروج المني والحيض وإكمال تسع وإنبات الشعر فيهما ، والدليل عليه غير واضح ، وكأنّه لا خلاف في ذلك عندهم والله أعلم.
«لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ