الخامسة : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١).
في الكشاف : القاعد الّتي قعدت عن الحيض والولد لكبرها (لا يَرْجُونَ نِكاحاً) لا يطمعن فيه ، والمراد بالثياب الثياب الظاهرة كالملحفة والجلباب الّذي فوق الخمار (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) غير مظهرات بزينة يريد الزينة الخفيّة الّتي أرادها في قوله (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) أو غير قاصدات بالوضع التبرّج ولكن التخفّف إذا احتجن إليه والاستعفاف من الوضع خير لهنّ.
لما ذكر الجائز عقّبه بالمستحبّ بعثا منه على اختيار أفضل الأعمال وأحسنها كقوله «وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى. وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ» وفيه تأمّل إذ قد تقدّم جواز إظهار الزينة الظاهرة فليس على غير القاعد من النساء أيضا جناح في وضع الثياب الظاهرة ، والظاهر من سوق هذه الآية أنّ القاعدات من النساء مستثنيات من الحكم السّابق الّذي هو وجوب التستّر ، وتحريم كشف الزينة الباطنة ومواضعها المتقدّمة ، فلا يحرم عليها كشف مواضع الزينة الباطنة المحرّم على غيرها ، ولكن بشرط أن لا تتبرّج بزينة أي لا يقصد إظهارها.
قال في مجمع البيان : التبرّج إظهار المرأة من محاسنها ما يجب عليها ستره انتهى ، فإذا تبرّجت بها يحرم عليها أيضا ذلك ، كما يحرم على غيرها ، لا بقصد التكشّف والإظهار وهي الّتي بلغت سنّا أيست عن الجماع ، وأيس الناس أيضا عنها بمعنى أن لا يكون مطعما ولا يكون لها طمعا عادة وعرفا ، ولكنّ العلم بذلك مشكل فانّ الرجال والنساء يتفاوتون في ذلك تفاوتا كثيرا جدّا ، فانّ بعض الناس يفعلون بأيديهم بل بالأرض والخشب وأيّة ثقبة كانت ، فليست القاعد أقلّ من
__________________
(١) النور : ٦٠.