الأصحاب لا يجوز النقص إلّا شهرا وشهرين وفي بعض العبارات ثلاثة أيضا ولعلّ هذا التحديد بالإجماع أو الروايات ، فقول صاحب مجمع البيان : وأمّا حدّ القلّة فمنوط بحال الصبيّ فبأيّ شيء يعيش يجوز الاقتصار عليه ، والكثرة محدودة بالحولين. محلّ التأمّل ، نعم ظاهر الآية تحديد جانب الكثرة كما قلنا لكنّ الأصحاب جوّزوا الزيادة عليه أيضا بمقدار ما جوّزوا النقيصة ، فكأنّه لما مرّ أو للضرورة ، فلا ينافي الآية لأنّ جميع الأحكام مخصوصة ظاهرا بحال الاختيار عقلا ونقلا أو بقوله تعالى (فَإِنْ أَرادا فِصالاً) لما سيجيء.
ودلّت أيضا على وجوب النفقة والكسوة على والد الولد ، فإيجاب اجرة زيادة على نفقة الزوجيّة بها بعيد ويمكن حملها عليه حيث قوبلت بالرّضاع فتكون محمولة على اجرة المثل ، وكونها في وقت نزولها ذلك غير بعيد ، وفي غير ذلك يكون اجرة المثل يساوي ذلك أو زاد أو نقص ، وهذا يكون مخصوصا بما إذا كانت الولد ممّن تجب نفقته على الوالد ، بأن يكون فقيرا وأبوه غنيّا إذا الظاهر أن ليس شيء واجب على الوالد إلّا النفقة وهي مخصوصة لما قلناه على ما صرّحوا به ، وإلّا يكون من مال الولد وإن لم يكن له مال فعلى الامّ وإلّا فمن بيت المال.
(لا تُضَارَّ) وكأنّه تفصيل وبيان للاتكلّف أي يكلّف كلّ منهما ما ليس في وسعه وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب لا تضارّ بالرفع بدلا عن قوله (لا تُكَلَّفُ) كذا قيل والظاهر أنّ معناه يغاير معنى لا تكلّف ولو ببعض الاحتمالات ، وقرأ أكثر القرّاء بفتح الراء ، وعلى التقديرين يحتمل البناء للفاعل فأصله «يضارر» بكسر الأوّل والمفعول فأصله يضارر بفتحه ، والمعنى المقصود على التقادير النهي ، أي لا تضارّ والدة زوجها بسبب ولدها ، وهو أن تعنّفه به وتطلب منه ما ليس بمعروف وعدل من الرزق والكسوة ، وأن تشغل قلبه في شأن الولد وأن تقول بعد ما ألفها الولد اطلب له ظئرا وما أشبه ذلك ، مثل أن تترك إرضاع الولد فيحصل للولد مرض أو موت في يد الأجنبيّة أو لم تفعل ما وجب عليها بعد الإجارة بحيث يحصل الضرر للولد فيضرّ الوالد بسببه ولا يضارّ المولود له أيضا امرأته بسبب ولده بأن يمنعها شيئا ممّا