منها وإرضاع غيرها ، فيكون حينئذ إخبارا عن حقّ الامّ الواجب على الأب فلا يحتاج إلى ارتكاب الخروج عن الظاهر ، ولكن شرط الأصحاب عدم رضاع غيرها بأقلّ ممّا ترضى ، وعدم وجود متبرّعة إذا لم تتبرّع هي بالإرضاع ، وهو بالحقيقة شرط وقيد لقوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ) على بعض الوجوه.
والظاهر حمل الوالدات على عمومها كما هو الظاهر ، لا تخصيصها بالمطلّقات لأنّ الكلام فيهنّ لعموم اللّفظ ، وأيضا الظاهر أن تقييد الحولين بالكاملين لدفع احتمال المسامحة المشهورة في مثله يقال أقمت عند فلان سنة وفي البلد الفلاني سنة ، مع عدم استكمالها (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) أي هذا الحكم وهو الإرضاع في الحولين لمن أراد إتمام الرضاعة من الآباء أو أنّه متعلّقة بيرضعن فانّ الوالد هو الّذي يرضع الولد له وينسب إليه لا الأمّ في الأغلب والأكثر ، وأكّد هذا المضمون بقوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) حسب ما يكون معروفا في العرف والشرع مثله لمثلها ، فيكلّف بما يحصل له بسهولة ويليق بأمثالهما ، ولعلّه نبّه عليه بقوله (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) أي لا يكلّف الله تعالى نفسا مّا أمرا شاقّا بحيث يكون حرجا وضيقا ، فإنّه لا يناسب الشّريعة السهلة ، بل العقل أيضا ، لا أنّه لا يكلّف بما لا يطاق أصلا كما قيل ، إذ لا يحتاج ذلك إلى النقل فانّ العقل يحكم به بديهة.
فبظاهرها دلّت على أنّ الإرضاع حقّ لهنّ فلا يمنعن أو على استحبابه أو وجوبه في الجملة على ما مرّ ، وأنّ ذلك عامّ لكلّ أمّ فإن خرجت واحدة لدليل وإلّا بقيت على العموم ، ودلّت أيضا على أنّ الحولين حقّ لكلّ ولد سواء ولد لستّة أشهر أو أكثر أن أراد الوليّ إتمام الرّضاعة ، وبعضهم خصّصه بالأوّل ويفهم كونه مقبولا للأصحاب من مجمع البيان لقوله (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) والظاهر خلافه ، وعلى أن ليس أكثر من ذلك وقت الرضاع ، فلو علّق أمرا بالرّضاع لا يتعدّى عن الحولين فافهم.
فدلّت بالقيد على جواز النقص مطلقا إن لم يرد إتمام الرضاعة ، ولكن قال