تمسّه النار إلّا تحلّة القسم (١) فقيل يا رسول الله صلىاللهعليهوآله واثنان؟ فقال : واثنان ، وهو بعيد ، لأنّه ليس باختياريّ فيحتاج إلى التأويل وقيل التسمية عند الجماع ، وقيل الدعاء وهما مرويّان ، وقيل التزويج ليحصل منهما الولد الصالح ، ولهذا استحبّ اختيار كريمة الأصل والعفيفة الولود.
(وَاتَّقُوا اللهَ) معاصيه (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) أي ملاقو جزائه يعني ثوابه إن أطعتموه ، وعقابه إن عصيتموه ، وإنّما أضاف إليه تعالى على ضرب من المجاز أي تزوّدوا ما لا تفتضحون به عنده ، وهو التقوى ، فانّ خير الزاد التقوى (وَبَشِّرِ) يا محمّد (الْمُؤْمِنِينَ) الكاملين في الايمان أو العاملين المستوجبين للمدح والتعظيم بفعل الطاعات والحسنات ، وترك المعاصي والقبائح ، وكأنّ (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) بيان لقوله (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) أي المأمور بالإتيان موضع حرثكم فأتوه من أين أردتم كما في الحرث إلّا أنكم تجتنبون في زمان الحيض مكانه ، والله أعلم.
السابعة : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) (٢).
في الكشّاف : إنشاء عبّر عنه بالخبر كقوله (يَتَرَبَّصْنَ) للمبالغة ، معناه لترضع الأمّهات أولادهنّ على طريق الاستحباب والندب إذ لا يجب عليهنّ إرضاع أولادهنّ عندهم إلّا في الصور المخصوصة ، فيه أنّه خلاف الظاهر مع التعبير بالخبر للمبالغة ، وأيضا الظاهر أنّ الإرضاع في الحولين واجب فلا يفهم حينئذ من الآية لحملها على الندب ، مع أنّ الأكثر يستدلّ بها على حدّه ، أو الوجوب فيلزم تخصيصها بالصور الخاصّة مثل أن لا يعيش إلّا بلبن أمّه بأن لا يشرب إلّا لبنها أو لا يوجد غيرها أو الوالد يكون عاجزا عن تحصيل غيرها لعدم قدرته على الأجرة فيكون الولد ممّن تجب نفقته على الامّ إن كانت قادرة ويحتمل أيضا أن يكون المعنى أنّ الإرضاع في هذه المدّة للامّ ، بمعنى أنّه حقّها يجب على الأب تمكينها منه ولا يجوز له الأخذ
__________________
(١) وفي الحديث لا يموت للمؤمن ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحله القسم اى قدر ما بين الله تعالى قسمه فيه بقوله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) (الصحاح).
(٢) البقرة : ٢٣٣.