تعالى عن ابن عبّاس وجابر ، وقيل : أنكرت اليهود إتيان المرأة قائمة وباركة فردّ عليهم.
وفي مجمع البيان معنى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) أنّهنّ مزرع لكم ومحرث لكم عن ابن عبّاس والسّديّ ، أو أنّهنّ موضع حرثكم وذوات حرث لكم فيهنّ تحرثون الولد ، فحذف المضاف ، أو يكون بحذف كاف التشبيه أي كحرث لكم فأتوا حرثكم أي أدخلوا في أيّ موضع تريدون من موضع حرثكم (أَنَّى شِئْتُمْ) أي من أين شئتم كما يدلّ عليه اللغة عن قتادة ، وقيل كيف شئتم عن مجاهد وقيل متى شئتم عن الضحّاك وهذا خطاء عند أهل اللّغة إذ «أنّى» ما جاء إلّا بمعنى من أين كذا في مجمع البيان.
ثمّ قال استدلّ مالك بهذه الآية على إباحة وطي الدبر ، وذلك غير بعيد ، وأمّا الاستدلال بها على عدم الجواز ، كما هو المشهور فذلك بعيد ، إذ على تقدير تسليم أنّ المعنى : فأتوا حرثكم كيف شئتم ، بناء على سبب النزول الّذي مضى ومناسبة الحرث للإتيان في محلّ الحرث وهو القبل ، لحصول الولد منه ، وتشبيها لهنّ بالمزرع لقرار النطفة في أرحامهنّ كالبذر في الزرع ، لا يدلّ على ذلك ، إذ ليس فيه المنع عن غير محلّ الزرع وغير الزراعة ، ولأنّه يجوز الإتيان في المزرع في جميع أجزائه وأيّ مكان منه أراد ، ولهذا يجوز الإتيان في النساء في غير القبل والدبر والانتفاع منها ، ولا شكّ أنّه لو صرّح الإتيان بالقبل لما دلّ على منع غيره إلّا بمفهوم بعيد ليس حجّة وهو ظاهر بغير نزاع.
(وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) الأعمال الصالحة الّتي أمرتم بها ورغّبتم فيها ، ليكون ذخرا لكم عند الله ، وزادا ليوم فاقتكم ، وقيل : هو طلب الولد ، لما روي في مجمع البيان أنّه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاث : ولد صالح ، وصدقة جارية وعلم ينتفع به بعد موته ، وقيل هو تقديم الإفراط جمع فرط وهو الولد الّذي يقدّمه الإنسان قبل بلوغه لما ورد في الحديث من قدّم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم