حكم كلّ مفعولين إذا لم يكن أحدهما هو الآخر (فَلا جُناحَ) ولا إثم (عَلَيْكُمْ) في ذلك الاسترضاع (إِذا سَلَّمْتُمْ) إلى تلك المراضع (ما آتَيْتُمْ) ما أردتم إعطاءه إيّاهنّ وشرطتم لهنّ (بِالْمَعْرُوفِ) متعلّق بسلّمتم أي بالوجه المتعارف الحسن شرعا وعقلا فكأنّه «إذا» شرط والجزاء محذوف ، والتقييد للحثّ والترغيب على إعطاء الأجرة ، وغاية الاهتمام بإعطاء حقوق الناس أو الاهتمام بتربية الصبيّ ، فإنّها مع الأخذ تصير راضية بالرضاع لحصول النفع فتعمل غاية الجهد كما في المهر ، لا لعدم الجواز والصحّة بدونه على ما قالوه ، كأنّه للإجماع ويحتمل حذف الجزاء من غير جنس ما تقدّم مثل فقد خرجتم عن عهدة الواجب أو برأت ذمّتكم ونحوه ، فلا يحتاج إلى هذا التكلّف.
(وَاتَّقُوا اللهَ) مبالغة في المحافظة على ما شرّع من أمر الأطفال والمراضع بل في مطلق الواجبات والمحرّمات (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) حثّ وتهديد وخوف ووعد ، فقد ظهر من هذه الآية تأكيدات في أمر الأطفال والمراضع بل مطلق الأحكام.
الثامنة : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١).
التعريض هو التلويح والإيهام على المقصود بما لم يوضع له حقيقة ولا مجازا كقول السائل للغنيّ جئتك لاسلّم عليك ، يريد به الإشارة إلى طلب شيء ، والكناية هي الدلالة على الشيء بغير لفظه الموضوع له ، بل بلوازمه كطويل النجاد لطويل القامة ، وكثير الرماد للمضياف ، والخطبة بالكسر طلب المرأة للتزويج ، فمضمونها
__________________
(١) البقرة : ٢٣٥.