اللّيل المشهورة. (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) يحتمل وجهين تكفير الذنوب بالطاعات ، فهي صريحة في وقوع التكفير وكذا غيرها من الآيات والأخبار واللّطف يعني أنّ الطاعات موجب لترك المعصيات بالخاصيّة أو بسبب لطفه تعالى كقوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (١) (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) أي ما ذكر من قوله (فَاسْتَقِمْ) (٢) إلى ههنا عظة للمتّعظين ، ثمّ رجع إلى ذلك للتذكير بالصبر بقوله (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) وهو دليل على الحثّ والتحريض والترغيب على الوعظ والاتّعاظ ، وعلى الصبر والإحسان وهو ظاهر.
الثالثة : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) (٣).
سئل ابن عبّاس هل تجد الصّلوات الخمس في القرآن؟ قال : نعم ، وقرأ هذه الآية فالتسبيح حين تمسون صلاة المغرب والعشاء وحين تصبحون صلاة الفجر وعشيّا صلاة العصر ، وحين تظهرون صلاة الظهر ، ويحتمل أن يراد بالأوّل المغرب وبعشيّا العشاء وبتظهرون الظهرين وغير ذلك مثل أن يراد بعشيّا المغرب والعشاء وبتمسون العصر وبتظهرون الظهر فقطّ. وعشيّا عطف على حين فيكون وله الحمد معترضة ويحتمل عطفه على السّموات ولكن يبعد حينئذ فهم الصّلاة ويحتمل أن يراد من الحمد الصّلات إلّا أنّه حينئذ الصّلوات في السّموات غير ظاهرة وعطف «عَشِيًّا» «وَحِينَ تُظْهِرُونَ» أيضا على السّموات غير مناسب ، وحين تظهرون مشعر بعطفه على الأوّل وترك حين في عشيّا كأنّه لعدم مجيء الفعل منه فتأمل.
الرابعة: (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) (٤).
__________________
(١) العنكبوت : ٣٥.
(٢) أى فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون وأقم الصلاة طرفي النهار الآية.
(٣) الروم : ٢٧.
(٤) طه : ١٣٠