معناه في الكشّاف : فكأنّه قال : صلّ لله قبل طلوع الشمس ، يعني صلاة الفجر : وقبل غروبها يعني الظهر والعصر لأنّهما واقعتان في النصف الأخير من النّهار فحينئذ فيها دلالة على وجوب الصّلوات الثلاث وسعة وقتها ، وعدم اختصاصها بأوّل الوقت ، فالقول بأنّ وقت صلاة الفجر إلى الإسفار والتنوير كما هو قول بعض أصحابنا غير واضح وكذا اختصاص الظهر بأوّل الوقت وكذا العصر بأوّل وقتها. وهو ظاهر بناء على تقسير التسبيح بالصّلاة ، وأمّا على الاحتمال بكون المراد هو التسبيح حقيقة فلا دلالة ، بل المراد هو الترغيب والتحريض ، على تسبيحه تعالى وتنزيهه في هذه الأوقات الشريفة.
(وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى) قدّم الظرف ههنا على الفعل عكس الأوّل ، للاهتمام بفعلها ليلا لعدم شغل النفس حينئذ ولأنّها أشقّ ويحتمل كون «من» بمعنى «في» وابتدائيّة ، وقال في الكشّاف : وقد تناول التسبيح في آناء اللّيل صلاة العتمة ، وفي أطراف النهار صلاة المغرب ، وصلاة الفجر على الكرار إرادة الاختصاص كما اختصّت في قوله (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) عند بعض المفسّرين.
ويحتمل (مِنْ آناءِ اللَّيْلِ) إرادة صلاة الليل المشهورة أيضا أو مطلق الصلاة ليلا فإنّها عبادة مطلوبة جدّا وإرادة نافلة الفجر أيضا ، وكذا من أطراف النهار أيضا بحمل الأمر على الرجحان المطلق فتأمل.
الخامسة : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ) (١).
أي سبّح حامدا ربّك قبل الطّلوع وقبل الغروب وسبّحه أيضا في بعض اللّيل وفي أدبار السّجود ، والتسبيح ، إمّا محمول على ظاهره ، أو على الصّلاة
__________________
(١) ق : ٣٩ و ٤٠.