وبعدها أيضا على الخلاف ، ولو كانت يمينا وكفّارة حقيقيّتين لما كان كذلك وهو ظاهر ، وأيضا هذا اليمين غير مشروعة ، وشرط الصحّة المشروعيّة وإن قصدوا الطلاق وصمّموا قصده (فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع طلاقهم (عَلِيمٌ) يعلم ضميرهم يعني لا بدّ من إيقاعه لفظا وقصدا حتّى يخلص ففيه إشارة لطيفة إلى اعتبار اللفظ والقصد في الطلاق فافهم.
ثمّ اعلم أنّ ظاهر الآية عدم الكفّارة سيّما بعد المدّة كما هو مذهب بعض الأصحاب ، ولكن نقل الإجماع على وجوب الكفّارة في المدّة ، وأنّ ابتداء المدّة من حين الإيلاء كما هو مذهب بعض الأصحاب أيضا وأنّ الظاهر عدم انعقاد الإيلاء الّذي يترتّب عليه حكم الإيلاء المشهور في أربعة أشهر وما دون ، بل يكون إمّا دائما أو مقيّدا بأكثر من أربعة أشهر ، بحيث يسع الرجوع إلى الحاكم وإلزامه بأحد الأمرين كما هو مذهب الأصحاب فمذهب الحنفيّ وهو انعقاده في الأربعة وما دون كما هو في البيضاويّ وأربعة وما فوقه كما هو في الكشاف غير ظاهر.
وأمّا إذا لم يفعل أحد الأمرين فتطلّق الزوجة طلقة واحدة بائنة عند الحنفيّ وتطلّق عند الحاكم عند الشافعيّ وكلاهما غير واضح الدليل ، إذ حلّ عقد شخص بغير شيء وبغير رضاه غير جائز حتّى يثبت الدليل الّذي يصلح لتخصيص الأدلّة العقليّة والنقليّة ولا يبعد كون دليل الشافعيّ لا ضرر ولا ضرار ونحوه ، ويشكل جعل مثله دليلا لمثلها مع ثبوت التخيير ، ويحبس ويتضيق عليه الطعام والشراب عند الأصحاب حتّى يطلّق أو يرجع ويكفّر ، كما يحبس ويعاقب إذا امتنع عن سائر الحقوق الواجبة عليه ، وإن جوّزوا في بعضها تصرّف الحاكم ، وكأنّ عدم تجويزهم هنا بنصّ أو احتياط في الفروج.
وأمّا سائر أحكام الإيلاء والشروط فيطلب من الكتب الفقهيّة مثل اشتراط خلوّ الإيلاء عن الشرط ، وكونها منكوحة دائمة ومدخولا بها ، وعموم الآية تدلّ على العدم إلّا الدوام لذكر الطلاق ، وكذا يدلّ على عدم الفرق بين العبد والحرّ والحرّة والأمّة في الانعقاد ومدّة التربّص وعلى عدم اعتبار البلوغ والعقل والرشد