من الثقل حتّى تموت (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) أي الّتي تردّت في بئر أو وقعت من علو فماتت (وَالنَّطِيحَةُ) وهي الّتي نطحها اخرى فماتت ، والتاء فيها للنقل ، لأنّ الفعيل بمعنى المفعول لا يفرق بين مذكّرة ومؤنّثة بالتاء.
(وَما أَكَلَ السَّبُعُ) أي ما أكل السبع بعضه فمات قال القاضي فيه دلالة على أنّ جوارح الصيد إذا أكلت ممّا اصطادته لم يحلّ كأنّه يريد إثبات حلّيّته على تقدير عدم أكله ، وإن قتله الجوارح ولم يدرك ذبحه ، كما في قتل الكلب له ، وليست فيه دلالة على كونه مباحا إذا قتله السبع ، ولم يأكل منه شيئا وهو ظاهر ، وعموم اشتراط التذكية متّبع حتّى يثبت ما يخرجه (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) إلّا ما أدركتم ذكاته وفيه حياة مستقرّة ، والظاهر أنّ الاستثناء متعلّق بما يقبل الذكاة لا بما أكل السبع فقط ، كما قيل ، والذكاة أعني قطع العروق الأربعة بمحدّد مع الشرائط معروفة.
(وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) واحد الأنصاب وهي أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدّون ذلك قربة وقيل هي الأصنام ، وكلمة «على» حينئذ بمعنى اللام كعكسه في (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) (١) أي عليك ، أو على أصلها بتقدير وما ذبح مسمّى عليها ، كانوا يفعلون كذلك فحرّم ذلك ، والظاهر أنّه أعمّ من أن يكون على وجه الذبح وغيره ، فيمكن أن يكون الذبح على ذلك الوجه حراما على المسلمين.
(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) أي وحرّم عليكم الاستقسام بالأقداح أي السهام والنشّاب ، وذلك أنّهم كانوا إذا قصدوا فعلا مبهما مثل السفر ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها أمرني ربّي ، وعلى الآخر نهاني ربّي ، والثالث غفل لا كتابة عليه ، فان خرج الأمر مضوا على ذلك ، وإن خرج النهي تجنّبوا عنه ، وإن خرج الغفل أجالوها ثانيا ، فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم بالأزلام ، وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح على الأنصباء المعلومة ، وواحدها
__________________
(١) الواقعة : ٩١.