وظاهر المحصنات شامل أيضا للأمة والصبيّة ، وغير المسلمة والمجنونة ، ولكن الظاهر أنّها قيّدت بعدمها للإجماع وغيره ، وأيضا إنّ المذكر في الّذين غلب كالتأنيث في المحصنات ، فلو قذفت امرأة أو قذف رجل محصن به يكون الحكم كذلك بالإجماع المنقول في مجمع البيان ، وغيره.
(ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) للشهود المسقط لحدّ القذف شروط مذكورة في محلّه ، مثل كونهم مجتمعين في الدخول للشهادة ، وغير الزوج على الخلاف (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) خبر الّذين بتأويل ، وهو متضمّن لمعنى الشرط فصحّ دخول الفاء في خبره وكذا (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً) أي لا تقبلوا للرامين المذكورين الّذين لم يأتوا بالشهود المسقطة للحدّ شهادتهم (أَبَداً) دائما أصلا في أمر من الأمور جلدوا أم لا ، فتعليق الردّ باستيفاء الحدّ كما هو مذهب أبي حنيفة غير جيّد لأنّه خلاف الآية ولوجود الفسق لقوله تعالى (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) فانّ ظاهره أنّ الرمي مع عدم الاشهاد فسق حدّ أم لا ، والظاهر أن ليس أولئك إلخ خبرا آخر للّذين لتغيير الأسلوب ، فانّ الأنسب حينئذ وأفسقوهم أي احكموا عليهم بالفسق ، واعملوا معهم معاملة الفسّاق فهو حكم عليهم بذلك ، وإن كان مقتضى السوق أن يكون هو أيضا خبرا ، ويمكن كونه كذلك ولكن غيّر الأسلوب للتفنّن وغيره.
وبالجملة لا إشكال في ترتّب هذه الأمور الثلاثة : وجوب الحدّ وردّ الشهادة والفسق على القذف مع عدم الاشهاد على الوجه المعتبر ، إنّما الإشكال في متعلّق الاستثناء في قوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي ندموا عمّا قالوا من الرمي بل غيره أيضا على القول بعدم قبول التوبة إلّا عن جميع المناهي وعزموا على عدم العود.
قالوا المراد بالتوبة هنا إكذاب نفسه عمّا رمى ، والتوبة ظاهرة ، ولكن إصلاح العمل الّذي مذكور دائما بعد التوبة أمّا بهذا القول أو بقول وعمل صالح غير واضح ، وليس بمفسّر أيضا بأمر واضح ، وقيل هو البقاء على التوبة ، ولكن سأعيّن حدّ البقاء وظاهره الإتيان بعمل صالح أي عمل كان ، ويحتمل أن يكون تأكيدا