وقالوا أيضا : السلاح أعمّ من المحدد وغيره ، فيدخل فيه العصا.
(وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) كأنّه بيان لتحقّق معنى المخاربة ، وتأكيد لثبوت حقيقته و «فسادا» يحتمل كونه علّة ومصدرا أيضا بغير لفظه ، لأنّ السعي في الأرض للمحاربة فساد فكأنّه قيل : ويفسدون في الأرض فسادا ، وفيه أيضا إشارة إلى أنّ الفساد موجب لجواز القتل.
(أَنْ يُقَتَّلُوا) خبر «جزاء» أي يقتّلون قصاصا أو حدّا على تقدير العفو من غير صلب إن اقتصروا على قتل النفس (أَوْ يُصَلَّبُوا) معه إن قتلوا وأخذوا المال ، قيل الصلب بعد القتل ، وقيل : القتل بالصلب ، والأخير أظهر من الآية (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ) ويتركوا حتّى يموتوا قيل اليد اليمنى والرجل اليسرى إن أخذوا المال ولم يقتلوا ، فيها إجمال من جهة موضع القطع منهما ، وأنّ المراد الرجل اليمنى واليد اليسرى أو العكس ، والظاهر جواز ما يصدق ، وعدم التعدّي إلى ما لا يتحقّق دليله.
(أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) أي من بلد إلى بلد ، بحيث لا يمكّنوهم من القرار في بلد ، ولا يطعمونهم إن اقتصروا على الإخافة ، والآية محمولة على هذا التفصيل وقيل للتخيير يعني الإمام مخيّر بين جميع المذكورات في كلّ محارب ، وهو الظاهر من الآية ، وأحكام المحارب مذكورة في الفروع بتفاصيلها ، ولما كان الحكم إلى الامام عليهالسلام ما كان تحقيقها من وظائفنا ، ولهذا تركنا أكثر ما يتعلّق به عليهالسلام لأنّ الغرض معرفة ما يجب علينا ونحن عاجزون منه فلا نتعدّى إلى غيره (ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا) ذلّ وفضيحة (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) لعظم ذنوبهم.
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) معلوم أنّ السّاقط بالتوبة إنّما هو الحدّ الّذي هو حقّ الله ، لا حقوق الناس ، مثل القتل قصاصا ويؤيّده (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فالقتل الواجب حدّا يسقط ، ويبقى الجائز قصاصا وقيّد التوبة بقبل القدرة فلو قدروا عليهم ثمّ تابوا لم يسقط عنهم شيء من الحدود وحقوق الله في الدنيا ، وأمّا الذنب في الآخرة فيسقط بالتوبة مطلقا في حقوقه تعالى.