ولكن كون ذلك على سبيل الوجوب غير معلوم الدليل ، إذ لا دليل على وجوب التفصيل المشهور ، ويؤيّد عدمه الأصل ، والرواية الصحيحة (١) وظاهر الآية وخفاء معنى الجهر والإخفات ، وبيانهم في الرجل بحيث يعدّ عرفا جهرا والإخفات بما لا يسمعه القريب [أو] بحيث لا يعدّ عرفا جهرا ، بل يعدّ إخفاتا ، وإن كان ممّا يسمعه القريب بل البعيد أيضا وفي المرءة لا يسمعه الأجنبيّ ، غير معلوم المأخذ ، مع عدم الوضوح ، والبيان ، فانّ فيه خفاء ، فيمكن حمل الرواية المجملة في الجهر والإخفات على الاستحباب ، للجمع كما هو مذهب علم الهدى في الانتصار والله يعلم بحقيقة الحال والصواب.
وقال في الكشّاف (بِصَلاتِكَ) بقراءة صلاتك على حذف المضاف ، لأنّه لا يلتبس من قبل أنّ الجهر والمخافتة صفتان تعتقبان على الصوت لا غير ، والصلاة أفعال وأذكار ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يرفع صوته بقراءته ، فإذا سمعه المشركون لغوا وسبّوا ، فأمر بأن يخفض من صوته ، والمعنى ولا تجهر حتّى تسمع المشركين ولا تخافت حتّى لا تسمع من خلفك ، وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلا وسطا انتهى ، هذا مع عدم ظهوره لا يوافق المسئلة ، إذ ليس دائما مأمورا بإسماع من خلفه ، بل مأمور في بعضها بذلك في الجملة وفي بعضها بعدمه ، وذهب قوم إلى أنّ الآية منسوخة بقوله (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) (٢) وابتغاء السبيل مثل لانتحاء الوجه الوسط في القراءة وفيها ما تقدّم ، مع زيادة لزوم النسخ ، على أنّه غير لازم لإمكان الجمع فتأمّل.
التاسعة: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٣).
أي قولوا الصلاة والسلام على رسول الله أو اللهمّ صلّ وسلّم عليه ، في الكشاف :
__________________
(١) الوسائل أبواب القراءة الباب ٢٥ الحديث ٦ ، عن على بن جعفر.
(٢) الأعراف : ٥٤.
(٣) الأحزاب : ٥٦.