والأصل (١) وقول أكثر العلماء وعدمها في تعليم الصّلاة كما مرّ ، وخلوّ الأخبار عنها فتأمّل.
قال في مجمع البيان (٢) والاستعاذة استدفاع الأدنى بالأعلى ، على وجه الخضوع والتذلّل ، وتأويله : استعذ بالله من وسوسة الشيطان عند قراءتك لتسلم في التلاوة من الزلل وفي التأويل من الخطل ، والاستعاذة عند التلاوة مستحبّة غير واجبة بلا خلاف في الصلاة وخارج الصلاة. فحملها على الاستحباب غير بعيد إلّا أنّ الظّاهر حينئذ كان استحبابها في أوّل كلّ ركعة ، وما رأيت قائلا به منّا فكأنّه خصّ بالدليل مثل الإجماع ، وأنّه فعل واحد وقراءة واحدة ، مع أنّها ليست بصريحة في العموم بحيث يشمل كلّ ركعة فتأمّل فيه ، والأخبار أيضا ظاهرة في الاستحباب في أوّل ركعة فقطّ ، حيث ما ذكر غيرها فتأمّل.
وبالجملة المسئلة لا يخلو عن إشكال إن نظر إلى ظاهر الآية ، فإنّ ظاهرها الوجوب أو الاستحباب دائما ، وما نجد قائلا فكأنّهم حملوها على الاستحباب دائما وأخرجوا غير الركعة الاولى من سائر الركعات ، للإجماع ونحوه. وقال القاضي : والجمهور على أنّه للاستحباب ، وفيه دليل على أنّ المصلّي يستعيذ في كلّ ركعة لأنّ الحكم المرتّب على شرط يتكرّر بتكرّره قياسا (٣). وهذا جيّد إلّا قوله «قياسا» لبطلانه ، وعدم ظهور الأصل والعلّة ، فالتكرّر والعموم ليس للقياس بل للعموم العرفيّ المفهوم من مثل هذه العبارة عرفا ، كما في قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ).
الثالثة آيات متعددة ، الاولى: (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (٤)
__________________
(١) عطف على قوله ويؤيده بعد التخصيص المذكور.
(٢) مجمع البيان ج ٦ : ٣٨٥.
(٣) تفسير البيضاوي : ٢٣٢.
(٤) المرمل : ١ ـ ٦.