ما أردتم وأحببتم بالمعنى المتقدّم ، وعبّر عن الصّلاة بالقراءة لأنّها جزء الصّلاة وتبطل الصلاة بتركها عمدا كالتعبير بالركوع والسّجود عنها.
قال في مجمع البيان هو قول أكثر المفسّرين كما أنّ المراد بقم اللّيل صلاة الليل بإجماع المفسّرين إلّا أبا مسلم فإنّه قال : المراد قراءة القرآن في اللّيل فكأنّه يريد الإشارة إلى أنّ من يقول بأنّ قيام اللّيل هو الصلاة فيه ، فينبغي أن يقول المراد بفاقرؤا هو صلاة اللّيل ، وقال فيه أيضا : والظاهر أنّ معنى ما تيسّر مقدار ما أردتم وأحببتم وهو ظاهر بقرينة إرادة التخفيف ولأنّه المتبادر من هذه العبارة ولهذا لو قيل : أعط السائل ما تيسّر ونحوه لا يفهم المخاطب إلّا ذلك ، فقد ظهر أن لا يمكن الاستدلال بنحوه على وجوب السورة على ما هو المشهور كما أشرت إليه في محلّه فتذكّر.
وأشار إلى أعذار أخر للتخفيف بقوله (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) كأنّ المراد بالضرب في الأرض السفر للتجارة ونحوها ممّا يحصّل به المال ، أو لتحصيل العلم أو الحجّ أو الزيارات أو صلة الرحم ، وكلّما كان لله تعالى من المشي والسفر في الأرض.
وقد وردت روايات كثيرة في الترغيب على التجارة من طريق العامّة والخاصّة مذكورة في محلّها قال في مجمع البيان : قال عبد الله بن مسعود «أيّما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه ، كان عند الله بمنزلة الشهداء ثمّ قرأ (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ») الآية (١).
(وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) هذا عذر آخر فإنّ المقاتلة تمنع من الصلاة باللّيل ، فالكلّ عذر للتخفيف ، ولهذا رتّب عليه التخفيف وقال تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) أي من القرآن تأكيدا للحكم المتقدّم ، وعلى كلّ تقدير لا ينبغي الترك بالكلّية فيمكن الاستدلال بهذه الآيات على وجوب صلاة اللّيل على النبيّ صلىاللهعليهوآله والاستحباب على أمّته في الجملة ، سواء كان في كلّ اللّيل أو بعضه ، ولا ينبغي الأقلّ
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٢.