.................................................................................................
______________________________________________________
حتّى في هذه الصورة وهي ما لو سبقها صيد ، مع أنّ المشهور لم يلتزموا بذلك ، لأنّهم استثنوا من ثبوت الكفّارة لكل إصابة ما إذا كان الأوّل والثاني كلاهما عمدياً ، وأمّا إذا كان الأوّل خطأ ، والثاني عمدياً فلا يقولون بعدم التكرر ، وإطلاق الصحيحتين يقتضي عدم التكرّر حتّى في هذه الصورة.
ومع ذلك لا بدّ لنا من حملهما على العمد في الإصابة الاولى والثانية ، لأن هذه الروايات تفسير للآية الشريفة وهي قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) إلى قوله تعالى (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) (١) وناظرة إليها ، والظاهر من الآية الكريمة أنّها في مقام بيان حكم العامد ، فالروايات صدراً وذيلاً تبيّن حكم العمد ، فهي منطبقة على مذهب المشهور.
ويمكن أن يقال : إن كلمة «عاد» المذكورة في الصحيح تدل على أن كلّا من الفعلين عمدي ، لأنّ العود والإعادة إيجاد للوجود الثاني على سنخ الوجود الأوّل وإلّا لم يصدق العود ، فلا بدّ من أن يكون الفعل الأوّل عمدياً أيضاً حتّى يصدق على الفعل الثاني أنّه إعادة للأوّل.
ولو أغمضنا عن ذلك فنقول : إن مقتضى إطلاق صحيحتي الحلبي عدم ثبوت الكفّارة للوجود الثاني حتّى إذا كان الأوّل خطأ ، ومقتضى إطلاق صحيح معاوية بن عمار الّتي ذكرناها في الطائفة الأُولى ثبوت الكفّارة حتّى في الفعل الثاني ، ولكن صحيحتي الحلبي ناظرتان إلى الآية المباركة ، فالعمد مفروض في الفعل الأوّل والثاني ، وتخرج هذه الصورة من إطلاق صحيح معاوية بن عمار ، فتنقلب النسبة من العام والخاص إلى العموم من وجه ، وذلك لأن كلّا من الفعلين إذا كان عمدياً خرج من صحيح معاوية بن عمار ، وإذا كان كل منهما خطأ يخرج من صحيح الحلبي ، فيبقى ما إذا كان الأوّل خطأ والثاني عمداً وهو مورد الاجتماع ، لأن مقتضى رواية معاوية بن عمار ثبوت الكفّارة ومقتضى صحيح الحلبي عدم الكفّارة فيسقطان معاً ، والمرجع حينئذ عموم ما دلّ على ثبوت الكفّارة مطلقاً كما تقتضيه القاعدة من تعدد المسبب
__________________
(١) المائدة ٥ : ٩٥.