فلو وهبه أحد مالاً يستطيع به لو قبله لم يلزمه القبول ، وكذلك لو طلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً ، ولو كانت الخدمة لائقة بشأنه.
______________________________________________________
أُخذت مفروضة الوجود ، ولذا لو وهبه أحد مالاً يستطيع به لو قبله أو طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً لم يجب عليه القبول.
وقد يقال كما عن النراقي (قدس سره) بالوجوب لوجهين :
الأوّل : صدق الاستطاعة العرفيّة على ذلك.
الثّاني : أنّ الإنسان يملك منافع نفسه كما يملك منافع ما يملكه من الأعيان كالعقار والدواب فيكون واجداً للمال ومستطيعاً قبل الإجارة ومن المعلوم أنّه لا يعتبر في الاستطاعة وجود الأثمان والنقود أو وجود عين مال مخصوص ، بل المعتبر وجود ما يمكن صرفه في سبيل الحجّ (١).
والجواب عن الأوّل : أنّ الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحجّ ليست الاستطاعة العرفيّة ولا العقليّة ، وإنّما هي استطاعة خاصّة مفسّرة في الرّوايات بملكيّة الزاد والرّاحلة وتخلية السرب ، وهي تحصل بأحد أمرين إمّا واجديته لما يحجّ به أو بالبذل ، وكلاهما غير حاصل في المقام.
وعن الثّاني بأنّ الإنسان وإن كان يملك منافع نفسه لكن لا بالملكيّة الاعتباريّة نظير ملكيّته للعقار والدواب ، ولا يصدق عليه أنّه ذو مال باعتبار قدرته على منافع نفسه وقدرته على أعماله ، ولذا تسالم الفقهاء على أنّه لو حبس أحد حرّا لا يضمن منافعه باعتبار تفويته هذه المنافع.
والّذي يدل على ما ذكرناه أنّ الإنسان لو كان مالكاً لمنافع نفسه بالملكيّة الاعتباريّة لكان واجداً لما يحجّ به ، فلا حاجة إلى طلب الاستئجار منه ، بل يجب عليه أوّلاً تعريض نفسه للإيجار ، كما إذا كان مالكاً للدار والدواب ، ولا أظن أنّ أحداً يلتزم بذلك.
__________________
(١) مستند الشيعة ١١ : ٥١.