.................................................................................................
______________________________________________________
لزوم الذبح بمنى ويتساقط الإطلاقان ، والمرجع أصالة البراءة من وجوب الذبح بمنى ، لدوران الأمر بين التعيين والتخيير والأصل عدم التعيين ، هذا بالنسبة إلى حكم التظليل ، وأمّا بالنسبة إلى مطلق ما يوجب الدم فالظاهر أيضاً جواز تأخير الذبح إلى أيّ مكان شاء ، ويدلُّ عليه موثق إسحاق المتقدِّم لقول السائل : «أ يجزئه أن يذبح إذا رجع إلى أهله؟ فأجاب (عليه السلام) بقوله : نعم».
ويؤيّده خبر علي بن جعفر «لكل شيء خرجت (جرحت) من حجك فعليك دم تهريقه حيث شئت» (١).
وأمّا الثاني : وهو العمرة المفردة ففي صحيحة منصور بن حازم حكم بالتخيير بين مكّة ومنى وإن كان التعجيل بالذبح في مكّة أفضل قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن كفّارة العمرة المفردة أين تكون؟ فقال : بمكّة إلّا أن يشاء صاحبها أن يؤخرها إلى منى ، ويجعلها بمكّة أحب إليّ وأفضل» (٢) فالتخيير حسب هذه الصحيحة ثابت في مورد العمرة المفردة في غير كفّارة الصيد ، لما عرفت في المسألة السابقة أن كفّارة الصيد للعمرة المفردة تذبح بمكّة.
وأمّا الثالث : وهو عمرة التمتّع ، ففي صحيحة معاوية بن عمار حكم بالتخيير أيضاً قال : «سألته عن كفّارة المعتمر أين تكون؟ قال : بمكّة إلّا أن يؤخرها إلى الحجّ فتكون بمنى ، وتعجيلها أفضل وأحب إليّ» (٣). وهي واضحة الدلالة على أن موردها عمرة التمتّع بقرينة قوله «يؤخرها إلى الحجّ فتكون بمنى» فإنّ المفردة لا حج فيها ، فيظهر من هذه الصحيحة وصحيحة منصور أنّ الحكم بالتخيير ثابت لطبيعي العمرة ، فحال عمرة التمتّع حال العمرة المفردة في الحكم بالتخيير ، ولكن المشهور لم يعملوا بالصحيحتين ولم يلتزموا بالتخيير ، بل حكموا بلزوم الذبح في مكّة نظير كفّارة الصيد ، إلّا أنّه لا موجب لسقوطهما عن الحجية بعد صحّة السند ووضوح الدلالة.
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٥٨ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٨ ح ٥.
(٢) الوسائل ١٣ : ٩٦ / أبواب كفارات الصيد ب ٤٩ ح ٤.
(٣) الوسائل ١٤ : ٨٩ / أبواب الذبح ب ٤ ح ٤.