.................................................................................................
______________________________________________________
يبقى الكلام في النسبة بين صحيحتي منصور ومعاوية بن عمار وبين موثقة إسحاق المتقدِّمة (١) ، والظاهر تقدّم الموثقة على الصحيحين ، والنتيجة جواز الذبح في أيّ مكان شاء وإن أتى بموجب الكفّارة في العمرتين ، بيان ذلك :
إن موثق إسحاق وإن ذكر فيه الحجّ ولكن الظاهر أنّ السائل لا نظر له إلى خصوص الحجّ في مقابل العمرة ، بل نظره إلى ما يرتكبه المحرم من المحرمات في مناسكه ، سواء كان في العمرة أو الحجّ فانّ الظاهر من قوله : «يخرج من حجه» الخروج من أعماله ومناسكه وقد ارتكب محرماً ، فكلام السائل في الحقيقة مطلق من حيث الحجّ والعمرة ، كما أنّه مطلق من حيث سبب الدم ، فعلى ذلك لا بدّ من تقديم الموثق على الصحيحين.
وبعبارة اخرى : السائل يسأل عن الاجزاء والاكتفاء بالذبح في أيّ مكان شاء بمعنى أنّ التخيير بين مكّة ومنى المستفاد من الصحيحين هل يكتفى ويجتزأ به بالذبح في أيّ مكان شاء ، فيكون الموثق ناظراً إلى الصحيحين وحاكماً عليهما ، وكذلك الحال بالنسبة إلى العمرة المفردة لأن المتفاهم ثبوت الحكم لطبيعي العمرة ولا خصوصية لعمرة التمتّع.
ومما يؤكّد ما ذكرناه ذيل موثقة إسحاق على ما في الكافي قال إسحاق : «وقلت لأبي إبراهيم (عليه السلام) : الرجل يخرج من حجته ما يجب عليه الدم ولا يهريقه حتّى يرجع إلى أهله؟ فقال : يهريقه في أهله» (٢) فإن قوله : «ولا يهريقه» يوجب الاطمئنان بأن إسحاق كان يعلم بلزوم إهراق الدم في مكّة أو منى ولكن لم يفعل ، ثمّ يسأل عن الاجتزاء والاكتفاء بالإهراق في أهله.
وبعبارة اخرى : كان يعلم بالوجوب ولكن يسأل عن أنّه واجب تعييني أو تخييري هذا مضافاً إلى أنّ المشهور أعرضوا عن الصحيحتين فما ذكره السيِّد في المدارك من
__________________
(١) في ص ٥٢٧.
(٢) الوسائل ١٤ : ٩١ / أبواب الذبح ب ٥ ح ١ ، الكافي ٤ : ٤٨٨ / ٤.