مسألة ١٧٩ : على المكلّف أن يتعلّم ألفاظ التلبية ويحسن أداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الإحرام في الصلاة ، ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر ، فإذا لم يتعلّم تلك الألفاظ ولم يتيسر له التلقين يجب عليه التلفظ بها بالمقدار الميسور ، والأحوط في هذه الصورة الجمع بين الإتيان بالمقدار الّذي يتمكّن منه والإتيان بترجمتها ، والاستنابة لذلك (١).
______________________________________________________
فإنّها صريحة في أنّ الواجب هو التلبيات الأربع الّتي ذكرها في أوّل الحديث ، وأمّا البقيّة فهي مستحبّة ، ولا دليل على وجوب الزيادة على ذلك ولا على غير هذه الكيفيّة.
بل يمكن أن يقال : بأنّ المستفاد من النصوص لزوم الإتيان بالتلبيات الأربع المذكورة في صحيح معاوية بن عمار بأيّ كيفيّة أتى بها ، ولو بالفصل بينها بدعاء أو ذكر أو كلام آدمي ما لم يضر ذلك في صدق عنوان التلبية.
(١) لا شك في أنّ اللّازم على المكلّف الإتيان بالتلبيات على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على طبق القواعد العربيّة وأداء الحروف من مخارجها ، فلا يجزئ الملحون مع التمكّن من الصحيح ولو بتلقين شخص إيّاه ، وذلك لأنّ المأمور به هو التلبية الصحيحة المذكورة في صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة ، حيث إنّ الإمام (عليه السلام) قرأ هذه الكلمات على الوجه الصحيح ، فهذا هو الّذي تعلّق به الأمر ولا دليل على الاجتزاء بالملحون ، ولا خلاف في ذلك.
وإنّما وقع الخلاف فيما إذا لم يتمكّن من أداء الصحيح ولو بالطرق العادّية فماذا يجب عليه؟ فهل يكتفي بالملحون أو يستنيب أو يأتي بترجمتها؟
ربما يقال : بأنّ مقتضى الجمع بين قاعدة الميسور وخبر زرارة «إنّ رجلاً قدم حاجّاً لا يحسن أن يلبي فاستفتي له أبو عبد الله (عليه السلام) ، فأمر له أن يلبّى عنه» (١) هو الإتيان بالملحون والاستنابة ، لأنّ مقتضى قاعدة الميسور هو الاجتزاء بالملحون ومقتضى الخبر لزوم الاستنابة.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٣٨١ / أبواب الإحرام ب ٣٩ ح ٢.