.................................................................................................
______________________________________________________
إلى الفعل ، كمن قطع المسافة وسافر ولكن كان جاهلاً بأنّ الحكم الشرعي هو القصر فلا ريب أن حكمه هو القصر. وهكذا لو كان صائماً وكان ملتفتاً إلى ذلك ، ولكن شرب الماء جاهلاً بأنّه مفطر شرعاً ، يصدق عليه أنّه أفطر.
وبالجملة : العمد ليس إلّا اختيار الفعل بعنوانه والقصد إليه ، وهذا يتحقق في صورة الجهل بالحكم أيضاً ، فإلحاق الجاهل بالحكم بالخاطئ ممّا لا نعرف له وجهاً. ودعوى انصراف الآية إلى غير الجاهل غير مسموعة.
نعم ، إذا كان الجهل عن قصور اجتهاداً أو تقليداً كما إذا أدى نظره إلى حلية صيد محرم الأكل ، أو قلّد من يقول بذلك ، يتم ما ذكره الجواهر ، لأنّ الظاهر من الآية المباركة وقوع الفعل الثاني حراماً ومبغوضاً ، لقوله تعالى (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) فإذا كان الصيد الثاني حلالاً على الفرض حسب اجتهاده أو تقليده فلا موضوع للانتقام.
فالصحيح هو التفصيل بين الجاهل القاصر المعذور وغيره ، والجاهل المقصّر حكمه حكم العامد.
ثمّ إن ما ذكرنا كلّه إنّما هو بالنسبة إلى المحرم ، وأمّا إذا كان محلا وصاد في الحرم وتكرر منه الصيد عمداً فهل تثبت الكفّارة لكل صيد أو لا تتكرر؟
الظاهر هو الأوّل ، لأنّ السقوط خلاف القاعدة وخلاف ما يقتضيه إطلاق معتبرتي معاوية بن عمار المتقدِّمتين (١) ، وإنّما خرجنا عن ذلك بالنسبة إلى المحرم ، وأمّا صيد المحل عمداً في الحرم فلا دليل على خروجه من القاعدة وإطلاق المعتبرتين ، فالواجب عليه تكرر الكفّارة بتكرر الصيد.
ثمّ إنّه لا خلاف في تكرر الكفّارة منه إذا وقع منه الصيد في عامين ولا يدخل بذلك تحت الآية ، لأن ما أتى به في كل عام عمل مستقل يختلف عن الآخر ، فكل حج وإحرام له حكمه الخاص ، ولا يصدق التكرر بحصوله في عامين مختلفين ، فتجب
__________________
(١) في ص ٣٥٠.