.................................................................................................
______________________________________________________
ثبوت شيء على تقدير وعدم الثبوت على تقدير آخر فقهراً تقع المعارضة بين المنطوق من أحدهما ومفهوم الآخر كما في مثل إذا خفي الأذان فقصّر وإذ خفي الجدران فقصّر فإذا خفي الجدران ولم يخف الأذان يقع التعارض بين منطوق الجملة الثانية وبين مفهوم الجملة الأُولى ، فإن مقتضى إطلاق منطوق الجملة الثانية وجوب القصر سواء خفي الأذان أم لا ، ومقتضى إطلاق مفهوم الجملة الاولى عدم القصر سواء خفي الجدران أم لا.
وربما يقال بوجوب القصر عند خفائهما معاً ، ولكن لا موجب لذلك ، لأنّ المعارضة ليست بين المنطوقين ليرفع اليد عن إطلاق كل منهما ، بل المعارضة بين منطوق أحدهما ومفهوم الآخر ، فالصحيح أن يرفع اليد عن إطلاق كل منهما بتقييده بالآخر.
والنتيجة : أنّ القصر يثبت بخفاء أحدهما ، وهذه الكبرى تنطبق على المقام أيضاً فنقيد إطلاق مفهوم كل واحد من الروايتين ونرفع اليد عن إطلاق كل واحد منهما والمتحصل حرمة الاكتحال بالسواد أو للزينة.
ولكن هنا رواية معتبرة دلّت على أنّ العبرة باجتماع الأمرين معاً السواد والزينة وتكون أخص من جميع الروايات فتخصص الأسود بالزينة كما هو الغالب ، وكذلك تخصّص الزينة بالأسود وهي صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «تكتحل المرأة بالكحل كلّه إلّا الكحل الأسود للزينة» ورواها الصدوق مرسلاً (١) فان كان الاكتحال بالسواد لم تكن زينة كما إذا اكتحل بالليل عند النوم فلا إشكال وكذا لو كان للزينة ولكن بغير الأسود ، إلّا أنّ الاحتياط في محلِّه خصوصاً في الأسود.
فتحصل : أنّ الجمع بين الأخبار يقتضي حمل ما دلّ على النهي عن الاكتحال بالسواد على ما كان للزينة.
وأمّا لو اكتحل بغير الأسود ولا للزينة فلا إشكال في الجواز ، بل لم ينسب القول بالحرمة إلى أحد من الأصحاب فيه.
ومن الغريب ما عن شيخنا الأُستاذ في مناسكه حكمه بحرمة الاكتحال مطلقاً (٢).
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٤٦٨ / أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ٣. المقنع : ٢٣٣.
(٢) دليل الناسك (المتن) : ١٥٣.