وجهٌ أو وجوهٌ من الضعف نشير إليها بما تيسّر.
أمّا القول الأوّل المنسوب إلى المتكلّمين ، وهو : أنّ الجسم مركّبٌ من أجزاء لا تتجزّى أصلا ، تمرُّ الآلةُ القطّاعة على فواصل الأجزاء ، وهي متناهية تقبل الإشارة الحسيّة.
ففيه : أنّ الجزءالمفروض إن كان ذا حجم كان له جانبٌ غير جانب بالضرورة ، فيجري فيه الإنقسام العقليّ وإن لم يمكن تقسيمه خارجاً ولا وهماً لنهاية صُغْره ، وإن لم يكن له حجمٌ امتنع أن يحصل من اجتماعه مع غيره جسمٌ ذو حجم.
وأيضاً لنفرض جزءاً لا يتجزّى بين جزئين كذلك ، فإن كان يحجز عن مماسّة الطرفين انقسم ، فإنّ كلا من الطرفين يُلقى منه غيرُ ما يلقاه الآخر (١) ، وإن لم يحجز عن مماسّتهما إستوى وجود الوسط وعدمه (٢).
ومثلُهُ كلُّ وسط مفروض ، فلم يحجب شيء شيئاً ، وهو ضروريُّ البطلان.
وأيضاً لنفرض جزءاً لا يتجزّى فوق جزئين كذلك وعلى ملتقاهما ، فإن لقى بكلّه أو ببعضه كلَّ كليهما تجزّى ، وإن لقى بكلّه كلَّ أحدهما فقط فليس على الملتقى وقد فرض عليه ، وإن لقى بكلّه أو ببعضه من كلّ منهما شيئاً انقسم وانقسما جميعاً (٣).
وقد أوردوا في بطلان الجزء الذي لا يتجزّى وجوهاً من البراهين ، وهي كثيرة مذكورة في كتبهم (٤).
__________________
والروائح وغير ذلك. وهذا منسوب إلى الحسين النجّار وضرار بن عمرو من المعتزلة. راجع الفَرْق بين الفِرَق ص ١٥٦ و ١٦٠ ، ومقالات الإسلاميّين ج ٢ ص ٦ ـ ٧ و ١٥ ـ ١٦ ، وتلخيص المحصّل ص ١٨٩ ، والتبصير في الدين ص ١٠١ و ١٠٥. وتعرّض له في الأسفارج ٥ ص ٦٧.
(١) راجع شرح الإشارات ج ٢ ص ١٢.
(٢) هكذا في شرح حكمة العين ص ٢١٦.
(٣) هذا ، وأجاب عنه الشيخ الرئيس أيضاً في النجاة ص ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٤) راجع شرح حكمة الإشراق ص ٢٣٨ ـ ٢٤٢ ، والفصل الثالث والرابع والخامس والسادس