وفيه : أنّ الكلام منقولٌ إلى ما عنده من الصورة المعقولة ، وهي صورة معقولة تقتضي مطابَقاً فيما وراءها تُطابِقه.
وقيل (١) : المراد بنفس الأمر نفس الشيء ، فهو من وَضْع الظاهر موضعَ الضمير ، فكون العدم ـ مثلا ـ باطلُ الذات في نفس الأمر كونُهُ في نفسه كذلك.
وفيه : أنّ ما لا مطابَقَ له في خارج ولا في ذهن لا نفسيّةَ له حتّى يطابقه هو وأحكامه.
وثامناً : أنّ الشيئيّة مساوقةٌ للوجود ، فما لا وجودَ له لا شيئيّةَ له ، فالمعدوم من حيث هو معدوم ليس بشيء.
ونُسِبَ إلى المعتزلة (٢) أنّ للماهيّات الممكنة المعدومة شيئيّةً في العدم ، وأنّ بين الوجود والعدم واسطةً يسمّونها «الحال» ؛ وعرَّفوها بصفة الموجود التي ليست موجودةً ولا معدومةً كالضّاحكيّة والكاتبيّة للإنسان ، لكنّهم ينفون الواسطة بين النفي والإثبات ، فالمنفي هو المحال ، والثابت هو الواجب والممكن الموجود والممكن المعدوم ، والحال [هي] التي ليست بموجودة ولا معدومة.
وهذه دعاو يدفعها صريح العقل ، وهي بالإصطلاح أشبه منها بالنظرات العلميّة ، فالصفح عن البحث فيها أولى.
وتاسعاً : أنّ حقيقة الوجود بما هي حقيقةُ الوجود لا سببَ لها وراءها ـ أي إنّ هويّتَه العينيّةَ التي هي لذاتها أصيلةٌ موجودةٌ طاردةٌ للعدم ، لا تتوقّف في تحقّقها
__________________
(١) والقائل هو القوشجي في شرح التجريد ص ٥٦ حيث قال : «والمراد بنفس الأمر ما يفهم من قولنا : هذا الأمر كذا في نفسه أو ليس كذا ... على أنّ المراد بالأمر الشأن والشيء وبالنفس الذات».
(٢) كأبي يعقوب وأبي علي وابنه وأبي الحسن الخياط والبلخي وأبى عبدالله وابن عيّاش وعبدالجبار ، هكذا في أنوار الملكوت في شرح الياقوت ص ٤٩. ونُسِب إليهم في المحصّل ص ٨٥ ـ ٩١ ، والأسفار ج ١ ص ٧٥ ـ ٧٨ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٩٥ ، وشرح المواقف ص ١٠٩ ، وقواعد المرام في علم الكلام ص ٤٩ ، والمقاومات ص ١٢٥ ـ ١٢٧ ، والمطارحات ص ٢٠٣ ـ ٢٠٩.