الخمر حلالاً اقتداءً بسمرة بن جندب ، وحراماً اقتداءً بغيره منهم ، ولكان ترك الغُسل من الإكسال واجباً اقتداءً بعلي وعثمان وطلحة وأبي أيوب وأبيّ بن كعب ، وحراماً اقتداءً بعائشة وابن عمر ، وكل هذا مروي عندنا بالأسانيد الصحيحة (١).
ثم قال : فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون؟!
وقال : وإنما الفرض علينا اتّباع ما جاء به القرآن عن الله تعالى الذي شرع لنا دين الإسلام ، وما صحَّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي أمره الله ببيان الدين ... (٢)
وقال في مورد آخر : وأما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « عليكم بسُنّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين » فقد علمنا أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يأمر بما لا يُقدَر عليه ، ووجدنا الخلفاء الراشدين بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم قد اختلفوا اختلافاً شديداً ، فلا بد من أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها : إما أن نأخذ بكل ما اختلفوا فيه ، وهذا ما لا سبيل إليه ، ولا يُقدَر عليه ، إذ فيه الشيء وضدّه ، ولا سبيل إلى أن يورِّث أحد الجد دون الأخوة بقول أبي بكر وعائشة ، ويورِّثه الثلث فقط ، وباقي ذلك للأخوة على قول عمر ، ويورِّثه السدس ، وباقيه للأخوة على مذهب علي. وهكذا كل ما اختلفوا فيه ، فبطل هذا الوجه ... أو يكون مباحاً لنا بأن نأخذ بأي ذلك شئنا ، وهذا خروج عن الإسلام ، لأنه يوجب أن يكون دين الله موكولاً إلى اختيارنا ، فيُحرِّم كل واحد منا ما يشاء ، ويحل ما يشاء ، ويحرّم أحدنا ما يحلّه الآخر ...
ثم قال : فإذا بطل هذان الوجهان ، فلم يبقَ إلا الوجه الثالث ، وهو أخذ ما أجمعوا عليه ، وليس ذلك إلا فيما أجمع عليه سائر الصحابة ...
أقول : فإذا أجمعوا على قول فهذا يكشف عن أنه هو الذي جاء به النبي
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ٦ / ٢٤٤.
(٢) المصدر السابق ٥ / ٦٢.