وفي رواية أخرى : من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية (١).
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من مات : فيه إشعار إلى أن بيعة إمام المسلمين الحق ينبغي المبادرة إليها وعدم إهمالها أو التهاون فيها خشية مباغتة الموت والوقوع في الهلاك.
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وليس في عنقه بيعة : أي ولم تكن بيعة ملازمة له لا تنفك عنه ، كما في قوله تعالى ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ). فلا يجوز نقض بيعة إمام الحق ولا النكث عنها. ولأجل الدلالة على اللزوم لم يعبِّر بـ ( من مات ولم يبايع إماماً ... ).
والبيعة : هي المعاقدة والمعاهدة على السمع والطاعة ، ولعلها مأخوذة من البيع ، فكأن من بايع الإمام قد باع نفسه للإمام ، وأعطاه طاعته وسمعه ونصرته.
وعليه فلا تقع البيعة إلا مع الإمام الحاضر الحي ، دون الإمام الغابر الميت ، لأن الميت لا تتحقق معه المعاهدة ، واعتقاد إمامة الأئمة الماضين لا يستلزم تحقق البيعة لهم.
وقوله : لإمام : يدل على أنه لا يجوز مبايعة أكثر من إمام واحد في عصر واحد ، وهذا مما اتفقت عليه كلمة المسلمين ودلَّت عليه الأحاديث الصحيحة عند الفريقين.
فمما ورد من طرق أهل السنة ما أخرجه مسلم في صحيحه وغيره عن أبي سعيد الخدري أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما (٢).
__________________
(١) مسند أحمد ٣ / ٤٤٦ ، كنز العمال ٦ / ٦٥ ح ١٤٨٦١ ، كتاب السنة ، ص ٤٩٠ ح ١٠٥٨ ، المطالب العالية ٢ / ٢٢٨.
(٢) صحيح مسلم ٣ / ١٤٨٠ كتاب الإمارة ، باب ١٥ ح ٦١ ، السنن الكبرى ٨ / ١٤٤.