والسلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن ، حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميراً. قال : ولو أراد غير هذا لقال : « يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا ... » ، فلما أعراهم من الخبر عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد.
قال ابن حجر : وهو كلام مَن لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة ، وقد عرفت من الروايات التي ذكرتها من عند مسلم وغيره أنه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم ، وهو كون الإسلام عزيزاً منيعاً. وفي الرواية الأخرى صفة أخرى ، وهي أن كلهم يجتمع عليه الناس كما وقع عند أبي داود.
إلى أن قال : ولو لم يرِد إلا قوله : كلهم يجتمع عليه الناس [ لكفى ] فإن وجودهم في عصر واحد عين الافتراق ، فلا يصح أن يكون المراد (١).
فإنه قال في الجزء الذي جمعه في المهدي : يحتمل في معنى حديث : ( يكون اثنا عشر خليفة ) أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان ، فقد وجدت في كتاب دانيال : إذا مات المهدي مَلَكَ بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر ، ثم خمسة من ولد السبط الأصغر ، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر ، ثم يملك بعده ولده ، فيتم بذلك اثنا عشر ملكاً ،
__________________
(١) المصدر السابق ١٣ / ١٨٠.
(٢) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٣٦١ : الإمام المقرئ الحافظ أبو الحسين ، أحمد بن جعفر بن المحدث أبي جعفر محمد بن عبيد الله بن أبي داود بن المنادي البغدادي صاحب التواليف. ولد سنة ٢٥٧ هـ تقريباً ، وتوفي سنة ٣٣٦ هـ. قال الداني : مقرئ جليل غاية في الإتقان ، فصيح اللسان عالم بالآثار ، نهاية في علم العربية ، صاحب سنة ، ثقة مأمون ( بتصرف ). قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٤ / ٦٩ : كان صلب الدين ، شرس الأخلاق ، فلذلك لم تنتشر عنه الرواية ، وقد صنف أشياء وجمع.