مُلزِمة لغيرهم ، وتكون مشمولة لقول عمر : فمَن بايع رجلاً على غير مشورة من المسلمين فلا يُتابَع هو ولا الذي بايعه تغِرَّة أن يُقتَلا (١).
٤ ـ أن مبايعتهم لذلك الحاكم معارَضة بمبايعة غيرهم لحاكم آخر في بلاد أخرى من بلاد المسلمين ، ولا يصح بيعة خليفتين في عصر واحد ، ومع تحقق ذلك فإحدى البيعتين باطلة قطعاً.
ثم إن البيعة لا تصح عندهم إلا إذا كان الحاكم قرشياً عادلاً مجتهداً كما مرّ.
والحاصل : أن كل أهل السنة لم يبايعوا إماماً واحداً لهم من الحُكّام المعاصرين ولا من غيرهم ، وبذلك يكونون قد تركوا واجباً من أعظم الواجبات الشرعية ، وتخلفوا عن وظيفة من أهم الوظائف الدينية.
وقد يقال أيضاً : إن كل واحد من أهل السنة اتَّبع إماماً من أئمة المسلمين ، ومن الواضح المعلوم أن أهل السنة منهم من يتّبع أبا حنيفة النعمان ، ومنهم من يتَّبع مالك بن أنس ، ومنهم من يتبع محمد بن إدريس الشافعي ، ومنهم من يتّبع أحمد بن حنبل ، فكل واحد منهم يموت وفي عنقه بيعة لإمام من هؤلاء الأئمة ، فلا إشكال عليهم حينئذ.
والجواب :
١ ـ أن محل الكلام هو مبايعة الإمام الذي يتولَّى أمور المسلمين ويكون حاكماً له سلطة زمنية على الناس ، وهذا هو الذي أوجبه علماء أهل السنة فيما تقدم من عباراتهم ، ودلّت عليه الأحاديث السابقة ، وليس محل البحث هو علماء الدين الذين يعمل الناس بفتاواهم ، فإن هؤلاء لا تجب مبايعتهم بالاتفاق ، بل يجب سؤالهم لمعرفة الأحكام الشرعية لا غير ، كما قال جل شأنه
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ١٠٠ كتاب الأحكام ، باب الاستخلاف. وهو الحديث الذي تقدم تخريجه في حديثنا عن بيعة أبي بكر وأنها كانت فلتة في الفصل الثاني.