أبا حمزة ، والصلاة؟ قال : أوليس أحْدَثتم في الصلاة ما أحدثتم؟ (١)
قوله : « لا أعرف شيئاً مما أدركتُ » أو « مما كنا عليه على عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم » ، يدل على أن كل معالم الدين التي جاء بها النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حُرِّفت وبُدلت ، فلم يبق شيء على ما كان عليه في عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى الصلاة التي يتعاهدها المسلمون كل يوم خمس مرات هي أيضاً لم تسلم من التبديل والتغيير ، وإن بقيت لها صورة الصلاة الظاهرية ، وهذا العموم استفيد من دلالة وقوع النكرة في سياق النفي في كلام أنس.
وقوله : أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها؟
وقوله : أو لم تصنعوا في صلاتكم ما قد علمتم؟
وقوله : أو ليس أحْدَثتم في الصلاة ما أحدثتم؟
كلها تدل على أن الناس أحدثوا في خصوص الصلاة ما لم يكن معروفاً في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن الحجَّاج أيضاً قد أحدث فيها ما أحدث.
ثم إن سؤال القوم عن خصوص الصلاة مع أن كلامه دال على العموم ظاهر في أن القوم كانوا يعلمون بتبدل أحكام الدين وتحريفها ، ولذلك لم يَعجَبوا من قول أنس ، ولم يسألوه عنها ، وأما الصلاة فكانوا يظنون أنها لا تزال سالمة من أي تحريف أو تغيير.
وقوله في حديث البخاري : « إلا هذه الصلاة » ، يدل على أن الصلاة سلمت نوعاً ما من التغيير ، ولم تسلم بالكلية ، بدليل قوله بعد ذلك : ( وهذه الصلاة قد ضُيّعت ).
ثم إن القوم أغفلوا أو تغافلوا عن الشطر الأول من هذه الأحاديث ، الدال على أن كل أحكام الدين قد حُرِّفت وبُدِّلت ، ووجَّهوا الأنظار إلى
__________________
(١) مسند أبي داود الطيالسي ، ص ٢٧١ ، مختصر إتحاف السادة المهرة ٢ / ٣٠٧.