وعمدوا أيضاً إلى اختلاق الأكاذيب على الشيعة واتهامهم بما لا يقولون به (١) ، وبما ليس فيهم (٢). وهذا كله ناشئ من عدم الدليل عندهم على صحة مذاهبهم.
ثم إنا لم نجد في ردّهم على الشيعة الإمامية إلا السباب والشتم المقذع ، مع أن الله تعالى يقول ( ادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) فانظر ما كتبه ابن حجر في الصواعق المحرقة ، وابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل ، وابن تيمية في منهاج السنة وغيرهم ، وهذا سبيل العاجز عن مقارعة الحجة بالحجة كما هو معلوم (٣).
وهذا كله يدل بوضوح على صحّة مذهب الإمامية وسلامته.
قد تقدَّم أن مذاهب أهل السنة في الأصول الاعتقادية ثلاثة : الأثرية
__________________
(١) من ذلك ما ذكره ابن تيمية في كتابه منهاج السنة ٤ / ١١١ ، فإنه سطّر الأكاذيب القبيحة على الشيعة ، منها : أن الشيعة ينتفون النعجة كأن لهم عليها ثاراً ، كأنهم ينتفون عائشة ، ويشقون جوف الكبش كأنهم يشقون جوف عمر ، وأنهم يكرهون لفظ العشرة لبغضهم الرجال العشرة ، فإذا أرادوا أن يقولوا : عشرة ، قالوا : تسعة وواحد. إلى غير ذلك مما ملأ به كتابه هذا وغيره من كتبه.
(٢) سمعنا من كثير من أهل السنة يعيبون الشيعة بأن لهم أذناباً كما للبهائم. فلا أدري كيف يصدقون هذه الافتراءات والأكاذيب مع أنهم يرون جميع أهل الملل الكافرة لا أذناب لهم ، فهل خص الله الشيعة بالأذناب دون سائر الناس؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
(٣) ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٣ / ٤٣١ أن الشافعي قال : ناظر أبو حنيفة رجلا فكان يرفع صوته في مناظراته إياه. فوقف عليه رجل ، فقال الرجل لأبي حنيفة : أخطأت. فقال أبو حنيفة للرجل : تعرف المسألة ما هي؟ قال : لا. قال : فكيف تعرف أني أخطأت؟ قال : أعرفك إذا كان لك الحجة ترفق بصاحبك ، وإذا كانت عليك تشغب وتجلب.