أنه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله ، مبغض للكذب خوفاً من الله ، وتعظيماً لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يَهِم ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به على ما سمعه ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، فهو حفظ الناسخ فعمل به ، وحفظ المنسوخ فجنَّب عنه ، وعرف الخاص والعام والمحكم والمتشابه ، فوضع كل شيء موضعه ، وقد كان يكون من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الكلام له وجهان ، فكلام خاص وكلام عام ، فيسمعه مَن لا يعرف ما عنى الله سبحانه به ، ولا ما عنى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيحمله السامع ويوجِّهه على غير معرفة بمعناه وما قُصِد به ، وما خرج من أجله ، وليس كل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مَن كان يسأله ويستفهمه ، حتى إن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأله عليهالسلام حتى يسمعوا ، وكان لا يمرّ بي من ذلك شيء إلا سألته عنه وحفظته. فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعِلَلِهم في رواياتهم (١).
أقـول : بهذا كله يُعلَّل اختلاف الحديث عند أهل السنة ، وما تبع ذلك من اختلاف فتاواهم في أكثر الفروع الفقهية ، حتى صار كل مذهب يحتج على ما ذهب إليه بأحاديث يرويها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى المسائل التي كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يكرِّرها كل يوم أمام الناس مرات ومرات كالوضوء والصلاة وغيرهما ولم تسلم أيضاً من الخلاف والاختلاف.
* * * * *
لقد اتضح من كل ما تقدَّم أن أهل السنة لم يبق عندهم شيء من أحكام الدين مما كان على زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا حُرِّف وبُدِّل ، حتى الصلاة لم تسلم من التغيير والتحريف كما نصَّت عليه الأحاديث الصحيحة عندهم ،
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٣ / ١٣. ط محققة ١١ / ٣٨.