غايتها أن يكون صاحبها أهلاً أن تُعقد له الإمامة ، لكنه لا يصير إماماً بمجرد كونه أهلاً ، كما أنه لا يصير الرجل قاضياً بمجرد كونه أهلاً لذلك.
ثم قال : إن أهلية الإمامة ثابتة لآخرين كثبوتها لهؤلاء ، وهم أهل أن يتولّوا الإمامة ، فلا موجب للتخصيص ، ولم يصيروا بذلك أئمة (١).
وكلامه واضح في الاعتراف بأهلية هؤلاء الأئمة الاثنا عشر عليهمالسلام للخلافة ، ولو كان بوسعه إنكار أهليتهم للخلافة لأنكرها كما أنكر كثيراً من الأحاديث الصحيحة في كتابه منهاج السنة كما سيأتي ذِكر بعضها في تضاعيف الكتاب.
هذا ما عثرت عليه من إقرار علماء أهل السنة بأهلية هؤلاء الأئمة ، ولولا قلة المصادر لدي لعثرت على أكثر من ذلك ، ولعل الباحث المتتبّع يجد المزيد ، إلا أن فيما ذكرناه كفاية ، فإن علماءهم مع إقرارهم بأهلية أئمة أهل البيت عليهالسلام للخلافة لم يتّفقوا على إدخال الخلفاء الثلاثة الأوائل في الخلفاء الاثني عشر ، فضلاً إثبات أهليتهم وأهلية غيرهم ، وهذا دليل واضح على أن كل ما قالوه لصرف هذه الأحاديث عن أئمة أهل البيت عليهالسلام إنما كان ظناً وتخرّصاً لا يغنيان عن الحق شيئاً.
قد يقول قائل : إن أئمة أهل البيت لم يتولوا أمور المسلمين وإن كانوا
__________________
(١) منهاج السنة النبوية ٤ / ٢١٣. قول ابن تيمية هذا يدل على انه لم يكن في وسعه أن يجحد فضل أئمة أهل البيت عليهمالسلام وأهليتهم للإمامة ، ولو كان ذلك في وسعه لأنكر ما وسعه الإنكار ، لإنه كان في مقام المناظرة مع خصمه لا في مقام المجاملة. وتنظيره الإمام بالقاضي مغالطة واضحة ، والصحيح ان ينظر بالقاضي المنصوب من قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنه يكون قاضياً وإن جحده كثير من الناس ، ومع نص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على خلافتهم لا يضرهم من خالفهم ولا من ناواهم. وقوله : ( فلا موجب للتخصيص ) غير صحيح ، لأن التخصيص حاصل بالنصوص الصحيحة الآمرة بالتمسك بأهل البيت دون غيرهم ، فلا سبيل للعدول عنهم إلى غيرهم.