إلى غير ذلك مما يطول ذِكره.
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء : لو لم يكن من مساوئ عبد الملك إلا الحجَّاج وتوليته إياه على المسلمين وعلى الصحابة رضي الله عنهم ، يهينهم ويذلّهم قتلاً وضرباً وشتماً وحبساً ، وقد قتل من الصحابة وأكابر التابعين ما لا يُحصى ، فضلاً عن غيرهم ، وختم على عنق أنَس وغيره من الصحابة ختماً ، يريد بذلك ذلَّهم ، فلا رحمهالله ولا عفا عنه (١).
وقال الذهبي في كتابه العِبَر : قال عمر بن عبد العزيز رحمهالله : الوليد بالشام ، والحجَّاج بالعراق ، وقُرَّة [ بن شريك ] بمصر ، وعثمان بن حبان بالحجاز ، امتلأت والله الأرض جوراً (٢).
فهل كان الإسلام عزيزاً وفي ازدياد؟ وهل كان الناس عامة والمؤمنون خاصة في عز وكرامة ، أم في ذلَّ ومهانة؟ الأمر معلوم وواضح ، ولا ينكر ذلك إلا مكابر أو جاهل أو متعصب.
ويكفي قول سفينة المتقدم فيهم لما سأله سعيد فقال : إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال : كذبوا بنو الزرقاء ، بل هم ملوك من شر الملوك.
وهو أن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة ، يعملون بالحق وإن لم تتوالَ أيامهم ، ويؤيده ما أخرجه مُسدَّد في مسنده الكبير من طريق أبي بحر ، أن أبا الجلد حدَّثه أنه لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة ، كلهم يعمل بالهدى ودين الحق ، منهم رجلان من أهل بيت محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يعيش أحدهما أربعين سنة ، والآخر ثلاثين سنة.
__________________
(١) تاريخ الخلفاء ، ص ١٧٦.
(٢) العبر في خبر من غبر ١ / ٨٥.