( فاسألوا أهل الذِّكْر إن كنتم لا تعلمون ) (١).
٢ ـ لم يُفْتِ أحد من أئمة المذاهب الأربعة بوجوب أخذ البيعة له أو لغيره من فقهاء الأمصار ، ولم ينقل أحد من أعلام أهل السنة أن البيعة أُخِذَت لهم ، لا في عصورهم ولا في العصور المتأخرة عنهم ، ولو كانت البيعة لهم واجبة لبيَّنوا ذلك للناس وحثّوهم عليها.
٣ ـ أنا قلنا فيما مرَّ أن البيعة هي المعاهدة ، وهي لا تتحقق إلا مع الإمام الحي الحاضر ، وعليه فلا يمكن مبايعة واحد من الأئمة الماضين ، لأنها مفاعلة بين طرفين ، والميت لا يعلم ببيعة الحي له ولا تقع منه معاهدة معه على شيء ، وهو واضح لا يحتاج إلى زيادة تفصيل.
فإن أجابوا عن هذه المسألة بأن إمام المسلمين واحد من العلماء المعاصرين من أهل السنة.
فالجواب :
١ ـ ما قلناه فيما تقدّم يأتي هنا أيضاً ، فإن محل الكلام في الإمام الذي يتولَّى أمور المسلمين ويكون حاكماً عليهم ، وليس الكلام في أئمة العلم ، فإن أئمة العلم لا تجب بيعتهم عند أهل السنة.
٢ ـ قلنا فيما تقدم أنه يشترط في الإمام أن يكون مجتهداً ، وحيث إن أهل السنة قد أغلقوا باب الاجتهاد ، وحصروا التقليد في أئمة المذاهب الأربعة ، فلا يوجد في علماء أهل السنة في هذا العصر إلا المقلِّدة ، ومن يدَّعي الاجتهاد منهم لا يوافقونه على اجتهاده ولا يسلِّمون له به ، فحينئذ لا يصلح واحد منهم لإمامة المسلمين.
٣ ـ لو سلَّمنا أن واحداً من العلماء المعاصرين فيه الأهلية للإمامة عندهم ،
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية ٧.