بمعصوم ، وإلا خلا الزمان ممن يصلح للإمامة ، وهذا باطل بالاتفاق.
ويدل على ذلك :
١ ـ أنه قد ثبت اشتراط العصمة في الإمام ، والعصمة أمر نفساني لا يعلمه الناس ، فلا بد من نص العالم بخفايا النفوس وخبايا القلوب جل وعلا.
٢ ـ أن ترك التنصيص على الإمام يفتح باب الخلاف ويفضي إلى النزاع ، كما وقع في سقيفة بني ساعدة ، واستمر منها الخلاف في الخلافة إلى يومنا هذا ، مع أن الله أمر بالأُلفة ونبذ الفرقة ، حيث قال ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) (١) وقال : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) (٢) ، فلا يصح حينئذ بحال أن يفتح الله للمسلمين باباً واسعاً للفرقة والنزاع ، فيوكل اختيار الخليفة إليهم يتنازعون فيه.
٣ ـ أن غير النص ـ وهو الشورى ـ في أكثر الأحوال لا يفضي إلى تنصيب الأفضل ، لأن اختيار الخليفة كثيراً ما يكون بداعي المصالح الشخصية والمنافع الفردية ، أو بباعث الميول النفسية واتباع العصبية.
والناس قد ينصرفون عن أفضل رجل في الأمة إذا كان حازماً في الحق ، أو قليل المال والأعوان والعشيرة.
هذا إذا عرف الناس من هو الأفضل ، وربما لا يميِّزونه ولا يشخِّصونه ، ولا سيما إذا كان بعيداً عن دائرة الضوء وأماكن الأحداث.
وعليه فلا يصح أن يوكل الله سبحانه أمر الإمامة العظمى إلى الناس الذين وصف أكثرهم في كتابه العزيز بأوصاف سيّئة ، ونعتهم بنعوت قبيحة ، فقال ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) (٣) ، ( وما أكثر
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٠٣.
(٢) سورة الأنفال ، الآية ٤٦.
(٣) سورة الأنعام ، الآية ١١٦.