٣ ـ أن الإمامة العظمى التي يتوقف عليها بقاء الدين واستقامة أمور المسلمين لا يصح أن تُوكَل إلى إمام يخطئ ويصيب ، لأن ذلك يترتب عليه انمحاق الدين وتبدّل الأحكام مع توالي الأئمة وتطاول الأزمنة ، ولهذا عصم الله سبحانه أنبياءه ورسله من كل ذلك ، لأنهم القائمون بتبليغ الشرائع والأحكام ، حياطة للدين ، وحفظاً لأحكام شريعة سيد المرسلين.
إذا اتّضح ذلك كله نقول : إن إمامة العصر متعيّنة في الإمام المهدي عليهالسلام ، وذلك لأن المهدي عليهالسلام معصوم بنص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ قال : « يملأها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً » (١) ، وذلك لا يتم إلا بعصمته وتمام معرفته بأحكام الدين.
قال البرزنجي : وأما عصمة المهدي ففي حكمه (٢).
ثم قال : لا يحكم المهدي إلا بما يلقي إليه الملَك من عند الله الذي بعثه إليه يسدِّده ، وذلك هو الشرع الحنيفي المحمدي ، الذي لو كان محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حياً ورُفعت إليه تلك النازلة لم يحكم فيها إلا بحكم هذا الإمام ... ولذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم في صفته : « يقفو أثري لا يخطئ » فعرفنا أنه متَّبِع لا مشرِّع وأنه معصوم ، ولا معنى للمعصوم في الحكم إلا أنه معصوم من الخطأ ، فإن حكم الرسول لا يُنسب إلى الخطأ ، فإنه لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى (٣).
وعليه ، فإن قلنا بعصمة الإمام المهدي عليهالسلام ووجوده في هذا العصر تعيَّنت إمامته ، لأن الأمة أجمعت على أن غير المهدي في هذا الزمان ليس
__________________
(١) أخرجه أبو داود في سننه ٤ / ١٠٦ ، ١٠٧ ح ٤٢٨٢ ، ٤٢٨٣ ، ٤٢٨٥. وصححها الألباني في صحيح سنن ابي داود ٣ / ٨٠٧ ، ٨٠٨ ح ٣٦٠١ ، ٣٦٠٢ ، ٣٦٠٤. مشكاة المصابيح ٣ / ١٥٠١ ح ٥٤٥٢ ، ٥٤٥٤. الجامع الصغير ٢ / ٤٣٨ ح ٧٤٨٩ ، ٧٤٩٠ ورمز له بالصحة. صحيح الجامع الصغير ٢ / ٩٣٨ ح ٥٣٠٤ ، ٥٣٠٥. مسند أحمد بن حنبل ٣ / ٢٧ ، ٢٨ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٥٢ ، ٧٠.
(٢) الإشاعة لأشراط الساعة ، ص ١٠٨.
(٣) المصدر السابق ، ص ١١٠.