صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كيف لا وفيهم العترة النبوية الطاهرة التي أُمِرْنا باتباعها ، فرجعنا بالنتيجة إلى اتباع العترة النبوية دون غيرهم من الناس.
ثم قال ابن حزم : وأيضاً فإن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أمر باتباع سُنَّة الخلفاء الراشدين لا يخلو ضرورة من أحد وجهين : إما أن يكون صلىاللهعليهوآلهوسلم أباح أن يسنُّوا سُنَنَاً غير سُنَنه ، فهذا لا يقوله مسلم ، ومَن أجاز هذا فقد كفر وارتدَّ ، وحَلَّ دمه وماله ، لأن الدين كله إما واجب أو غير واجب ، إما حرام وإما حلال ، لا قسم في الديانة غير هذه الأقسام أصلاً ، فمَن أباح أن يكون للخلفاء الراشدين سُنَّة لم يسُنّها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد أباح أن يُحرِّموا شيئاً كان حلالاً على عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أن مات ، أو أن يُحلُّوا شيئاً حرَّمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو أن يوجِبوا فريضة لم يوجبها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو أن يُسقِطوا فريضة فرضها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يسقطها إلى أن مات ، وكل هذه الوجوه مَن جوَّز منها شيئاً فهو كافر مشرك بإجماع الأمة كلها بلا خلاف ...
وإما أن يكون أمر باتباعهم في اقتدائهم بسُنَّته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهكذا نقول ، ليس يحتمل هذا الحديث وجهاً غير هذا أصلاً (١).
أقول : هذا كله إذا كان المراد بالخلفاء الراشدين هم الأربعة ، ومع التسليم بصحة الحديث فلا مناص من حمله على أن المراد بالخلفاء فيه هم الاثنا عشر ، ليحصل الالتئام والاتفاق بين كل الأحاديث : حديث الخلفاء الاثنا عشر ، وحديث الثقلين والتمسك بالعترة ، وهذا الحديث.
وبمجموع ما قلناه وما نقلناه يتّضح أنه لا دليل على صحّة اتباع أحد من صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غير العترة ، لا الخلفاء ولا غيرهم.
قال فخر الدين الرازي : نحن معاشر أهل السنة بحمد الله ركبنا سفينة
__________________
(١) المصدر السابق ٦ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.