فعلى ذلك تكون هذه الجملة بدعة في أي أذان قيلت.
ولا يُعتد بكلام السرخسي في المبسوط : أما المتأخرون فاستحسنوا التثويب في جميع الصلوات ، لأن الناس قد ازداد بهم الغفلة ، وقلّما يقومون عند سماع الأذان ، فيستحسن التثويب للمبالغة في الإعلام (١).
وذلك لأنه إذا كان بدعة كما نص عليه أعلام أهل السنة فلا يختلف الحال فيها في جميع الأزمان والأحوال ، فلا يصح أن يُزاد في الأذان أو في غيره من العبادات أية زيادة بأي اعتبار من الاعتبارات.
* * * * *
هذا قليل من كثير ، وأمثاله لا يكاد يحصى ، وهو مبثوث في كتبهم ، ولوأردنا أن نستقصي أشباه هذه الطوائف لطال بنا المقام ، وفيما ذكرناه كفاية.
ودلَّت أحاديث أخرى صحيحة على أن القوم خالفوا السُّنّة الصحيحة الثابتة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلا أن هذه المخالفات لم يُكتب لها الدوام ، فاندثرت واضمحلّت ، ولم تصبح أحكاماً في الدين ، ولم يفتِ على طبقها أحد المُفتين.
وهذه الأحاديث أيضاً نقسمها إلى طوائف :
الطائفة الأولى : دلت على أن منهم مَن صلّى بالناس في منى تماماً مع ثبوت الصلاة قصراً عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
منها : ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ـ واللفظ لمسلم ـ والنسائي وأبو داود والدارمي في سننهم وغيرهم عن عبد الرحمن بن يزيد قال : صلّى بنا عثمان بن عفان رضياللهعنه بِمِنَى أربع ركعات ، فقيل ذلك
__________________
(١) المبسوط ١ / ١٣١.